العلّة التامّة للتخلية عن بعض الصفات الرذيلة التي تكون مانعة عن التحلّي بمكارم الأخلاق ونيل الكمالات.
التفسير
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ).
القوام من صيغ المبالغة ، والمراد به كثرة القيام له عزوجل بالملازمة لأداء حقوقه ، والوفاء بعهوده ، والإخلاص في الأعمال ابتغاء لمرضاته عزوجل حتّى تصير عادة لكم ، وخلقا كريما فيكم ، فتكونوا مظهرا من مظاهر أسمائه المقدّسة ، ولتكونوا دعاة إلى الله تعالى بأعمالكم وأقوالكم.
قوله تعالى : (شُهَداءَ بِالْقِسْطِ).
القسط هو العدل ، وتقدّم الكلام في اشتقاقه في قوله تعالى : (ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا) [سورة البقرة ، الآية : ٢٨٢] ، وسبق الكلام في معناه في آية ـ ١٣٥ من سورة النساء.
والمعنى : كونوا شهداء بالعدل بابتغاء الحقيقة في الشهادة وأداء الواقع على ما هو عليه ، بغير ميل ولا حيف اتباعا للهوى ، والآية المباركة تشابه الآية الكريمة التي وردت في سورة النساء (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (الآية : ١٣٥) ، فإنّهما تشتركان في جملة من الأمور :
منها : الأمر بالقيام بالوظائف العبودية ، والوفاء بعهود الله تعالى بتنفيذ أحكامه المقدّسة والشهادة بالقسط بإخلاص ، ابتغاء لوجه الله تعالى ورضائه ، وطلبا لإقامة القسط والعدل ، وبيان الواقع.