(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) [سورة الفتح ، الآية : ٢٩] ، لأنّه يدلّ على مزيد عناية ، بتقريره وإنشاء الوعد صريحا من غير دلالة عليه ضمنا ، بخلاف آية الفتح.
والمغفرة : الستر ، أي أنّ إيمانهم وعملهم الصالح يوجبان غفران الله تعالى لهم بستر ذنوبهم ومحو آثارها من نفوسهم. وأما الأجر العظيم ، فهو الجزاء المضاعف الذي لا حدّ لعظمته ، لأنّ المفاض منه كذلك.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ).
بيان لفرد آخر ممّن يعلمه الله تعالى ، ومن سنّته عزوجل في القرآن الكريم أن يقرن الوعد بالوعيد ، ويذكر الطائفتين المؤمنة والكافرة ، إتماما للحجّة وإيضاحا للمحجّة ووفاء بحقّ الدعوة ، ولأنّ الجمع بين الترغيب والترهيب من الأساليب البديعة في الكلام.
والجحيم اسم من أسماء النار ـ أعاذنا الله تعالى منها ـ وهو مأخوذ من الجحمة ، وهي شدّة تأجّج النار ، كما أنّه اسم لدرك من دركات النار.
وإنّما جمع عزوجل بين الكفر وتكذيب الآيات ، إما لبيان أنّ الكفر كان عن عناد واستكبار ، ولأجل الإعلام بأنّ كفرهم بلغ إلى حدّ إنكار الحقّ مع العلم بكونه حقّا ، فيخرج من لم يبلغ كفره كذلك كما في كفر المستضعفين. أو الإيماء إلى أنّ كفرهم بلغ حدّ النكوص عن طاعة الله تعالى بالإعراض عن أنبيائه وتشريعاته.
وكيف كان ، فقد ذكر عزوجل الحدّ بين الطاعة والإعراض ، ولكلّ منهما مراحل متعدّدة ومنازل كثيرة ، وعلى اختلافها تختلف درجات الثواب والعقاب.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ).
تذكير للمؤمنين بما أنعم عليهم من النصر والعزّة والغلبة على الأعداء والمشركين ، وحفظهم من مكائدهم وشرورهم ، والآية المباركة تشمل جميع ألطافه عزوجل على المؤمنين التي خصّهم بها في جميع الغزوات والوقائع التي دارت بين