المسلمين والكفّار ، الذين كان همّهم الوحيد محو أثر الإسلام والقضاء على دين الحقّ ، ممّن كان في عصر النزول ومن هم بعده إلى يوم القيامة.
منها : تثبيت الهمم وترسيخ العقيدة والإيمان ، والتأسّي بالسلف الصالح في تحمّلهم المشاقّ وحثّهم على تحمّل الجهد.
ومنها : الحثّ على الصبر على البلاء والمحن في سبيل الله تعالى.
ومنها : ترغيبهم إلى الشكر ، فإنّه السبب في إدامة النعمة وزيادتها ، قال تعالى : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) [سورة إبراهيم ، الآية : ٧] ، وغير ذلك من المصالح قوله تعالى : (إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ).
الهمّ هو القصد ، والبسط هو المدّ ، ويختلف باختلاف متعلّقه ، فإذا استعمل في اليد كان المراد به هو البطش بها بالقتل والإهلاك ، وفي اللسان هو الشتم والسباب. وفي تقديم الجار والمجرور على المقول الصريح ، لبيان أنّ ضرر البسط راجع إليهم ، وحملا للمؤمنين على الاعتداد بنعمة دفعه. والجملة بيان لبعض أفراد النعمة التي أنعم تعالى بها على المؤمنين.
قوله تعالى : (فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ).
الفاء للتعقيب المفيد لتمام النعمة وكمالها وتحقّقها بعد الهم بلا فصل ، وإظهار الأيدي «أيديهم» لزيادة التقرير.
والمعنى : أنّه منع أيديهم أن تصل إليكم وعصمكم منها بعد أن أرادوا بسطها عليكم ، وفي ذلك مزيد العناية واللطف وكمال النعمة كما لا يخفى ، حيث لم يجعلها أن تمتد إليكم بالأذى.
قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ).
تأكيد على مراعاة التقوى في عموم الأحوال ، لا سيما في ما ذكره عزوجل آنفا بأداء حقوق تلك النعمة ورعايتها ، ويستفاد من الأمر بالتقوى التحذير الشديد عن تركها ، لأنّ لها الأهميّة العظمى في الشريعة وتهذيب النفوس وتكميلها.