بني إسرائيل ، وكان الأنبياء يبلّغونهم ذلك ويذكّرونهم بحفظ المواثيق ويحذّرونهم من نقضها ويوعدونهم عليها ، كما فعله موسى عليهالسلام لقومه.
قوله تعالى : (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ).
بيان للشرط وهو مركّب من الإيمان والعمل الصالح ، وإنّما قدّم عزوجل الأخير ، لأنّهم كانوا مؤمنين بالله ورسوله ومعترفين بنبوّة موسى عليهالسلام ، ولبيان أهميّة العمل الصالح ، مع علمه تعالى بأنّهم يعرضون عن الطاعة ، ولذا أكّده سبحانه وتعالى حيث أتى بأسلوب القسم ، وجمع بين فردين من أفراد الطاعة ، أحدهما تطهّر النفوس وتزكّيها وهي الصلاة والإقامة عليها بإتيانها تامّة جامعة للشرائط ، والثانية تطهّر الأموال وتزكّيها ، وإن كانت تطهّر النفوس من رذيلة البخل والشحّ أيضا.
قوله تعالى : (وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ).
بيان للفرد الآخر من الشرط المزبور ، وهو الإيمان بجميع الرسل السابقين منهم واللاحقين والتصديق بهم. ومادة (عزر) تدلّ على المنع والذبّ ، ومنه العزر كالارز ، وهما القوة ، فإنّ في التقوية منعا لمن قويته عن غيره ، كما أنّ منه التعزير في الشرع ، وهو ما كان دون الحدّ ، لأنّه ردع ومنع عن ارتكاب القبائح والفحشاء ، فالتعزير تارة يكون بالردّ عن المرء ما يسوؤه ويضرّه ، واخرى ما يكون بردّه عمّا يضرّه ، فالأول هو تعزير الرسل والأنبياء ، والثاني هو تعزير مرتكبي القبائح. والمراد به في المقام هو النصرة مع التعظيم ، أي : ونصرتموهم ، فإنّها نصرة دين الله تعالى وتقدّس.
قوله تعالى : (وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً).
أي : وأنفقتم في سبيل الله تعالى بالمعروف من دون أن يتبعه منّا ولا أذى ، وهو عامّ يشمل الإنفاق بالمال وغيره ، وقد تقدّم ما يتعلّق بذلك في قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) [سورة البقرة ، الآية : ٢٤٥].