بحوث المقام
بحث أدبي :
تقديم الجار والمجرور على المفعول الصريح في قوله تعالى : (إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ) ، لبيان رجوع ضرر البسط وغائلته إليهم ، كما أنّ تقديم المفعول الصريح على الجار والمجرور في قوله تعالى : (فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) ، وإن كان هو على الأصل ، إلّا أنّه لزيادة التأكيد ، وإظهار الأيدي عليكم بعصمتكم منهم ومنع أيديهم أن تصل إليكم.
وقوله تعالى : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) ، في أعلى درجات الفصاحة والبلاغة ، حيث اشتمل على الحكم وعلّته وبعض الخصوصات ، فتضمّن جملة من الأمور التي أوجبت كونها في غاية الفصاحة.
منها : أن يكون التوكّل على الله جلّت عظمته خاصّة دون غيره مطلقا ، وذلك بتقديم الجار والمجرور الدال على الحصر.
ومنها : اشتمال الآية الشريفة على ما يدعو إلى الامتثال ، والبعد عن الإخلال ، كما يقتضيه إيثار صيغة الأمر الغائب وإسنادها للمؤمنين.
ومنها : أنّها تدلّ على وجوب التوكّل على المخاطبين بطريق برهانيّ ، كما هو مقتضى سياقها.
ومنها : انّها تشمل على علّة الحكم ، وذلك بتقديم الجار والمجرور وإظهار الأمر الجليل.
ومنها : أنّها وإن كانت جملة تذييليّة ، إلّا أنّها تضمّنت من الأمور ما يدلّ على استقلالها.