إلّا في ما هو خارج عن الغسل ، كصبّ الماء من الإناء في اليمنى ونحو ذلك ، فلا دخل لها في الغسل.
والرجوع إلى العرف في تشخيص المراد وتعيينه وبيانه هو القاعدة المتبعة في كلّ الموضوعات المأخوذة في الشريعة الإسلاميّة ، إلّا إذا أورد من الشرع بيان أو تحديد خاصّ فيجب اتباعه حينئذ ، والمسألة محرّرة في علم الأصول. هذا ما يتعلّق بالغسل.
وأما الوجوه ، فهي جمع وجه ، وهو ما يستقبل من الشيء عند المواجهة والمشافهة والرؤية ، وفي الإنسان ما فيه العين ، والأنف ، والفم ، وهي ما يستقبل عند الرؤية. وإطلاقه يشمل جميع ما يسمّى وجها عند العرف ، فيشمل شعر اللحية والشارب أيضا ، وما هو الظاهر منه دون البواطن ، لأنّها ممّا يستقبل عند الرؤية ، وحدّه عندهم من جانب الطول من قصاص شعر الناصية في مستوى الخلقة إلى آخر الذقن ، ومن جانب العرض ما دارت عليه الإبهام والوسطى ، وهذا هو المنقول في الروايات الواردة عن الأئمة الهداة عليهمالسلام ، فتدلّ على أنّه لم يرد تحديد خاصّ من الشرع المقدّس في الوجه ، فالمرجع فيه العرف ، فهو كما ذكرناه ، فإذا لم يغسله كلّه لم يتحقّق منه الامتثال.
كما أنّ المعتاد الذي ينسبق إليه الذهن أن يكون من أعلاه إلى أسفله ، دون العكس ، والعرف هو المناط في الإطلاق ، فلو أراد المتكلّم غيره ، فلا بدّ من بيانه والنصّ عليه بما يكون حاضرا في ذهن المخاطب حين الامتثال ، كما هو مفصّل في علم الأصول. وقد ذكر العلماء والمفسّرون في بيان الغسل والوجه أمورا لا تخلو عن المناقشة ، والحقّ ما ذكرناه فيهما فراجع كتب الفقه والتفسير.
قوله تعالى : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ).
أي : واغسلوا أيديكم إلى المرافق ، تقدّم الكلام في الغسل ، والأيدي جمع يد ، وهو اسم للعضو المعروف من أطراف الأصابع إلى الكتف ، ولا يدخل في مسماّها الشعر ، فلا يكفي غسله عن غسل البشرة.