الرسول صلىاللهعليهوآله ، وقيل : إنّه القرآن ، فيكون قوله تعالى : (وَكِتابٌ مُبِينٌ) عطفا تفسيريّا له ، وقيل : إنّه الإسلام ، وقيل : إنّه النعم الثلاث التي خصّ بها العباد : النبوّة ، والعقل ، والكتاب ، بقرينة الآية التالية التي اشتملت على أحكام ثلاثة يرجع كلّ واحد منها إلى نعمة ممّا تقدّم ، فقوله تعالى : (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ) ، يرجع إلى قوله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا) ، وقوله تعالى : (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ) ، يرجع إلى قوله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ) ، وقوله تعالى : (وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، يرجع إلى قوله تعالى : (وَكِتابٌ مُبِينٌ).
والحق : أن يقال : إنّ المراد به جميع ما تقدّم ، أي الرسول ، والعقل ، والقرآن ، والإسلام ، لأنّ المقام مقام الاحتجاج مع أهل الكتاب الذين أتمّ الله تعالى الحجّة عليهم بتلك الحجج الثلاث ، مع أنّها متلازمة ، فإنّ كلّ واحدة منها تهدي إلى الاخرى وتدعو إليها ، والآثار التي ذكرها عزوجل في الآية التالية تترتّب على كلّ واحدة منها ، فإنّ بها يخرج العباد من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان ، فيكون ذكر الكتاب لبيان أهميّته وعظمته في هداية النفوس وتكميلها.
والمبين : هو الظاهر في نفسه المظهر لما يحتاج إليه الناس ، وهو من أوصاف القرآن الكريم لهدايتهم ، ونظير هذه الآية الشريفة قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً) [سورة النساء ، الآية : ١٧٤ ـ ١٧٥].
قوله تعالى : (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ).
الضمير في (به) يرجع إلى ما تقدّم ولا يضر توحيده على القول بتعدّد ما في الآية السابقة ، لاتّحاد المرجع في الحقيقة والواقع ، فإنّ النبي صلىاللهعليهوآله والقرآن يشتركان في الهداية ، وكلّ واحد منهما سبيل ظاهريّ من سبلها ، وقد نسب سبحانه وتعالى