الهداية إلى القرآن الكريم وإلى الرسول صلىاللهعليهوآله في عدّة آيات ، قال تعالى : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [سورة القصص ، الآية : ٥٦] ، وقال تعالى : (وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [سورة الشورى ، الآية : ٥٣] ، ولكنّ الجميع يرجع إلى الله تعالى ، فإنّه الهادي حقيقة ، وغيره سبب ظاهريّ لها.
وتقديم المجرور على اسم الجلالة للاهتمام ، كما أنّ إظهار الاسم الجليل ، لكمال الاعتناء بأمر الهداية.
وكيف كان ، فالآية الشريفة تبيّن أهمّ الآثار المترتّبة على هذا النور ، وهي ثلاثة :
الأوّل : أنّه يهدي بسبب رسوله وكتابه من اتّبعهما ويبتغي بذلك رضاه ، باتباع أوامره والانتهاء بنواهيه عزوجل ، فيورده تعالى سبيلا من سبل السلام التي يسلم بها في الدنيا والآخرة من كلّ ما يوجب شقاؤه وما يرد به إلى سوء العذاب ، فيتخلّص ممّا يلزم منه إخلال سعادته في الدنيا والآخرة.
وسبل السلام وإن كانت متعدّدة ، قال تعالى : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) [سورة العنكبوت ، الآية : ٦٩] ، إلّا أنّها تتّحد في الغرض العظيم المترتّب عليها ، وهو الإيصال إلى كرامته عزوجل ، ولعلّه لأجل ذلك وصف تلك السبل بالصراط المستقيم الذي يوافق الفطرة المستقيمة في قوله تعالى : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) [سورة الأنعام ، الآية : ١٥٣].
ومن ذلك يستفاد أنّ الهداية إلى السلام والسعادة ، مشروطة باتباع رضوان الله تعالى ، وهو الإيمان المطلوب ، والإعراض عن كلّ ما يوجب سخطه ، وذلك بالاجتناب عن أنواع الظلم وما يوجب الانخراط في سلك الظالمين ، وقد أكّد عزوجل في عدّة مواضع من القرآن الكريم أنّ لا هداية لمن كان كذلك ، وأنّه محروم