عامّة ، والقائلون بهذه المقالة هم طائفة خاصّة من النصارى.
وظاهر الآية الشريفة يدلّ على أنّ القائلين بها كانوا يعتقدون العينيّة ، فإنّ القصر فيها للمسند إليه على المسند ، أي : أنّ المعبود منحصر في المسيح لا غير ، وإن أمكن تطبيق الجملة على البنوّة وعلى القول بثالث ثلاثة ، كما حكى عنهم عزوجل في ما تقدّم من الآيات المباركة ، وذكرنا ما يتعلّق بهذه العقيدة في سورة النساء مفصّلا فراجع.
والتأكيد على ذكر النسبة في المسيح لبيان أنّه عليهالسلام منسوب ومتولّد من امرأة ومحلّ للحوادث ، وكلّ ذلك ينافي القول بألوهيّته كما عرفت.
قوله تعالى : (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً).
برهان قويم يدلّ على بطلان مقالتهم تلك ، وهو يرجع إلى أمرين أحدهما : إثبات مناقضة قولهم ، والثاني : تثبيت الألوهيّة لنفسه عزوجل ، بإثبات السلطة التامّة له تعالى ، وقدّم الثاني في الذكر بقوله تعالى : (فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) ، لأنّه الأصل ، فتكون له السلطنة التامّة على جميع خلقه ، وهم مملوكون له تعالى مسخّرون تحت إرادته وسلطانه ، يحكم فيهم بما يشاء وما يريد ، لا مانع يؤثر عليه عزوجل بأي وجه كان ويقطع تأثير سلطنته عن شيء فيغلبه عليه فيه ، فهو الله تعالى مالك الملك وحده لا شريك له ، ولا مالك غيره يبطل سلطانه أو يحدّ منه ، فإنّ مشيئته لا يردّها شيء.
والجملة في غاية الفصاحة والبلاغة ، حيث نفي الاستطاعة عن دفع الشرّ عن نفسه بنفي ما يمنع عن تأثير إرادته عزوجل وقدرته ، فها هو المسيح بن مريم لما نزل الصلب عليه لم يقدر على دفعه عن نفسه ، فاستغاث بربّه خائفا ، وجلا ، ضارعا ، خاضعا ، ليصرف عنه ذلك الكأس ، كما عرفت في أحد مباحثنا السابقة.
قوله تعالى : (إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً).
بيان لتهافت أقوالهم في المسيح بن مريم عليهالسلام وتناقضها ، فإنّ كون المسيح إلها