ملك جميع الموجودات والتصرّف المطلق فيها ، إيجادا وإعداما وتربيبا ، وليس لأحد سواه ذلك ، ومن كان ذلك فهو حقيق باختصاص الألوهيّة به.
قوله تعالى : (يَخْلُقُ ما يَشاءُ).
تعليل للجملة السابقة ، وبيان لبعض أحكام الملك والألوهيّة ، فإنّ الملكية المطلقة تقتضي ثبوت السلطنة التامّة له عزوجل وتعميم قدرته ، فلا يمنع من نفوذ مشيئته مانع ، فهو يخلق ما يشاء من الأشياء.
والآية الشريفة ردّ لمزاعم النصارى من أنّ المسيح قد صدرت منه أعمال غريبة لا تصدر من عامّة البشر ، وأنّ خلقه كان خلاف المتعارف والسنّة العامّة في خلق سائر البشر ، فإنّ كون خلقه كذلك وصدور بعض المعاجز على يديه عليهالسلام ، لا يدلّان على كونه إلها مالكا لجميع ما في السموات والأرض ، يتصرّف فيه بما يشاء ، بل أنّ ذلك من بعض الفيوضات التي منحها عزوجل له ، إذ لا يخرج بذلك عن كونه مخلوقا كسائر خلقه يتصرّف فيهم عزوجل بما يشاء ، فبالحقيقة لا بدّ أن ينسب إليه عزوجل دون من أجراه الله تعالى على يديه.
قوله تعالى : (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
تقرير لمضمون ما سبق وتأكيد له ، وبيان لتعميم قدرته إلى ما هو الأوسع من عالم الوجود وإرشاد إلى برهان قويم ، وهو أنّ الإله لا بدّ أن يتّصف بتمام القدرة وشمولها لجميع الأشياء ، وإلّا فلا يكون إلها ، ولعلّه لأجل ذلك ذكر اسم الجلالة ، لبيان أنّه الإله المستجمع لجميع صفات الكمال التي منها الملكية المطلقة للسماوات والأرضين وما بينهما ، وثبوت القدرة التامّة ، فهو يخلق ما يشاء بما يشاء ، وهو يدلّ على أنّه لا شريك له في الألوهيّة.
قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ).
حكاية لبعض ما صدر عن الفريقين من الدعاوي الباطلة بعد ذكر ما صدر من أحدهما في غيره عزوجل. وهذه الحكاية تدلّ على جرأتهم على الله تعالى ،