(وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ) أي قل الله يفتيكم إلخ ويأمركم أن تقوموا لليتامى بالقسط. أو هو معطوف على (يتامى النساء) والتقدير وما يتلى عليكم في يتامى النساء ، وفي المستضعفين من الولدان ، وفي أن تقوموا لليتامى بالقسط.
(وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً) أي وما تفعلوه من خير يتعلّق بهؤلاء المذكورين أو بغيرهم فإنّ الله يجازيكم عليه ولا يضيع عنده منه شيء.
قال الله تعالى : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١٢٨)) هذا من الأحكام التي أخبر الله تعالى أنه يفتيهم بها في النساء مما لم يتقدم ذكره.
والخوف هنا مستعمل في حقيقته ، إلا أنّه لا يكون إلا بعد ظهور الأمارات تدل عليه. مثل أن يقول الرجل لامرأته : إنك قد كبرت ، وإني أريد أن أتزوج شابّة جميلة.
والأصل في البعل أنه السيد ، وسمّي الزوج بعلا لكونه كالسيد لزوجته.
والنشوز ـ وتقدم معناه ـ يكون وصفا للمرأة لما تقدم ويكون وصفا للرجل كما هنا ، والمراد به هنا ترفّع الرجل بنفسه عن المرأة ، وتجافيه عنها : بأن يمنعها نفسه ومودته.
والإعراض الانصراف عنها بوجهه أو ببعض منافعه التي كانت لها منه. مثل أن يقلل محادثتها ، أو مؤانستها لطعن في سن ، أو دمامة ، أو شين في خلق أو ملال. والإعراض أخف من النشوز.
أخرج الترمذي وحسّنه عن ابن عباس قال : خشيت سودة رضي الله عنها أن يطلّقها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالت : يا رسول الله لا تطلقني ، واجعل يومي لعائشة ، ففعل ، ونزلت هذه الآية (١).
وأخرج الشافعي عن ابن المسيب أن ابنة محمد بن مسلمة كانت تحت رافع بن خديج ، فكره منها أمرا إما كبرا أو غيره ، فأراد طلاقها ، فقالت : لا تطلقني واقسم لي ما بدا لك ، فاصطلحا على صلح ، فجرت السنة بذلك ، ونزل القرآن (٢).
وروي عن عائشة أنّها نزلت في المرأة تكون عند الرجل ، فتطول صحبتها ، فيريد أن يطلّقها ، فتقول : أمسكني وتزوج بغيري ، وأنت في حل من النفقة والقسم (٣).
__________________
(١) رواه الترمذي في الجامع الصحيح (٥ / ٢٣٢) ، كتاب التفسير حديث رقم (٣٠٤٠).
(٢) انظر الدر المنثور السيوطي في التفسير بالمأثور للسيوطي (١ / ٢٣٢).
(٣) رواه ابن ماجه في السنن (١ / ٦٣٤) ، كتاب النكاح ، باب المرأة حديث رقم (١٩٧٤).