بسم الله الرّحمن الرّحيم
من سورة الأنفال
قال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١))
هذه السورة كلّها مدنية ، وقيل : هي مدنية إلا قوله تعالى : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، وقيل : إلا قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ) وبعضهم استثنى خمس آيات بعد آية (وَإِذْ يَمْكُرُ).
ومناسبتها لسورة الأعراف : أنها في بيان حال الرسول صلىاللهعليهوسلم مع قومه ، وسورة الأعراف مبينة لأحوال أشهر الرسل مع أقوامهم.
وسبب نزول هذه الآية ما أخرجه أحمد وابن حبّان والحاكم من حديث عبادة بن الصّامت رضي الله عنه أنّ المسلمين اختلفوا في غنائم بدر ، وفي قسمتها ، فسألوا الرسول صلىاللهعليهوسلم كيف تقسم ، ولمن الحكم فيها ، أهي للمهاجرين أم للأنصار أم لهم جميعا؟ فنزلت (١).
والسؤال إمّا لاستدعاء معنى في نفس المسئول ، وهذا يتعدّى بنفسه تارة ، وبعن أخرى ، كما في هذه الآية. وإما لاقتضاء مال ، فيتعدّى لاثنين بنفسه ، نحو سألت زيدا مالا ، وقد يتعدّى بمن ، وفاعل السؤال يعود على معلوم ، وهو من حضر بدرا.
والأنفال جمع نفل كسبب وأسباب ، وهو في أصل اللغة من النّفل بفتح فسكون ـ أي الزيادة ـ ولذا سمي التطوع وولد الولد نافلة ، ثم صار حقيقة في العطية لكونها تبرعا غير لازم. وتسمّى الغنيمة نفلا لأنّها منحة من الله من غير وجوب ، أو لأن المسلمين فضّلوا بها على سائر الأمم التي لم تحلّ لهم ، أو لأنها زيادة على ما شرع الجهاد له ، وهو إعلاء كلمة الله : كذلك يسمّى بالنفل ما يشترطه الإمام للغازي زيادة على سهمه. وبعضهم فرّق بين الغنيمة والنفل بالعموم والخصوص : فالغنيمة ما حصل
__________________
(١) انظر تفسير ابن جرير الطبري المسمى جامع البيان (٩ / ١١٦).