يجعل في بيت المال ، ينفق منه على من ذكر ، وعلى غيرهم ، بحسب ما يراه الإمام ، وكأنّهم رأوا أن ذكر هذه الأصناف على سبيل المثال ، وهو من باب الخاص أريد به العام. وأصحاب الأقوال والمتقدمة رأوا أنه من باب الخاص أريد به الخاص.
روى ابن القاسم وأشهب وعبد الملك (١) عن مالك أن الفيء والخمس يجعلان في بيت المال ، ويعطى الإمام قرابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم منهما.
وروى ابن القاسم عن مالك أنّ الفيء والخمس واحد. والذي جعل المالكية يذهبون هذا المذهب أخبار ثبتت في المغازي والسير :
١ ـ روي في «الصحيح» (٢) أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم بعث سرية قبل نجد فأصابوا في سهمانهم اثني عشر بعيرا ، ونفلوا بعيرا بعيرا.
٢ ـ ثبت عنه صلىاللهعليهوسلم أنه قال في أسارى بدر : لو كان المطعم بن عدي حيّا وكلّمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له (٣).
٣ ـ ثبت أنّه صلىاللهعليهوسلم ردّ سبي هوازن وفيه الخمس (٤).
٤ ـ روي في «الصحيح» (٥) عن عبد الله بن مسعود قال : آثر النبيّ صلىاللهعليهوسلم يوم حنين أناسا في الغنيمة ، فأعطى الأقرع بن حابس مئة من الإبل ، وأعطى عيينة مئة من الإبل ، وأعطى أناسا من أشراف العرب وآثرهم يومئذ في القسمة ، فقال رجل والله إنّ هذه القسمة ما عدل فيها أو ما أريد بها وجه الله. فقلت : والله لأخبرنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم فأخبرته ، فقال : «يرحم الله أخي موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر».
٥ ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم» (٦).
فمن هذه الأحاديث تعلم أنه قد أعطي من الخمس للمؤلفة قلوبهم وليسوا ممن
__________________
(١) فقيه مالكي ، ومؤرخ ، أندلسي ، صاحب كتاب الواضحة ، انظر الأعلام للزركلي (٤ / ١٥٧).
(٢) رواه مسلم في الصحيح (٣ / ٦٨) ، ٣٢ ـ كتاب الجهاد ، ١٢ ـ باب الأنفال حديث رقم (١٧٤٩) ، والبخاري في الصحيح (٤ / ٦٦) ، ٥٧ ـ كتاب الخمس ، ١٥ ـ باب ومن الدليل على أن الخمس حديث رقم (٣١٣٤).
(٣) رواه البخاري في الصحيح (٤ / ٦٧) ، ٥٧ ـ كتاب الخمس ، ١٦ ـ باب ما منّ النبي صلىاللهعليهوسلم على أسارى حديث رقم (٣١٣٩).
(٤) رواه البخاري في الصحيح (٤ / ٦٧) ، ٥٧ ـ كتاب الخمس ، ١٥ ـ باب من الدليل على أن الخمس حديث رقم (٣١٣١) ، (٣١٣٤).
(٥) رواه مسلم في الصحيح (٢ / ٧٣٨) ، ١٢ ـ كتاب الزكاة ، ٤٦ ـ باب إعطاء المؤلفة حديث رقم (١٣٩ / ١٠٦٢).
(٦) رواه مسلم في الصحيح (٣ / ١٣٧٦) ، ٣٢ ـ كتاب الجهاد ، ١٤ ـ باب التنفيل حديث رقم (٤٧ / ١٧٥٦).