أن يراد به الجنس أي وللصبر خير للصابرين ، وأنتم منهم إذا صبرتم. وإما أن يراد به صبركم ، أي لصبركم خير لكم ، فوضع الصابرين موضع لكم ثناء عليهم.
(وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ) أمر الله بالصبر أمرا صريحا بعد أن ذكر حسن عاقبته ، ولما كان الصبر شاقا ذكر ما يعين عليه فقال : (وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ) فالجأ إليه في طلب الصبر ، والتثبيت في الأمر (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) يدعوه إلى عدم الجزع والهلع بترك الحزن ، والحزن سببه إما فوات محبوب أو توقع مكروه ، فبيّن الله ما يستعين به على الصبر ، وهو ترك الحزن ، فقال : (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) أي على إخوانك المسلمين الذين قتلوا ، وهم قتلى أحد ، ولا تك في ضيق مما يمكرون ، أي ولا يضق صدرك من مكرهم ، فإنّ الله ينجيك من مكرهم ، لأنّه (مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا) بالنصر والمعونة ، أي هو ولي الذين اجتنبوا المعاصي (وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) في أعمالهم ، ومن التقوى والإحسان الصبر.
وقيل : إن الضمير في قوله : (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) يرجع إلى الكافرين ، فيكون كقوله : (وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) [المائدة : ٦٨] روي عن هرم بن حبان أنه قيل له حين احتضر : أوص ، فقال : إنما الوصية من المال ، ولا مال لي وأوصيكم بخواتيم سورة النحل.