من سورة الحج
قال الله تعالى : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩))
ينبغي قبل تفسير هذه الآيات أن نبيّن حكمة الحجّ ، وتاريخ مشروعيته فنقول :
أ ـ حكمة الحج : لعلّك تكون في حاجة إلى إطالة القول في بيان الحكمة في شرح الحج ، والسرّ الذي من أجله كتب الله هذه الفريضة على المسلمين ، بعد ما عملته في دراساتك السابقة في هذا الشأن ، وإذا فيكون تعرّضنا هنا لشيء من هذا البيان إنما نقصد به التذكير على وجه الإجمال ، بما سبق لك من التفصيل.
شرع الله الحج إلى بيته الكريم لمنافع عظيمة تعود على المسلمين في دينهم ودنياهم :
١ ـ فمناسك الحج من أعظم مظاهر الخشية والإخلاص لله في الذكر والدعاء والعبادة.
٢ ـ وهي كذلك دلائل على التجرّد من زينة الدنيا ، وبواعث على عدم التعلق بشهواتها وزخرفها.
٣ ـ وهي بواعث على الرحمة والإحسان ، والعدل والمساواة ، إذ يكون الناس هناك في مستوى واحد ، لا فرق بين أمير ومأمور ، ولا بين غني وفقير.
٤ ـ هذا إلى ما يعود على سكان مكة ، وجزيرة العرب ، والناس جميعا من المنافع المعيشية والتجارية ، وما يتهيأ لهم هناك من الاجتماع والتعارف ، والاتفاق على ما ينهض بالمسلمين في جميع بقاع الأرض.
ب ـ تاريخ مشروعية الحج : أما تاريخ مشروعيته فأنت تعلم أنّه كان مفروضا في زمن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، والآيات التي معنا من أقوى الدلائل على ذلك.