كما يقول الحنفية ، أو بالحاجة كما هو مشهور مذهب الشافعية زيادة ليست في الآية.
٣ ـ ثم إنّ الأحاديث الواردة في ذلك مطلقة أيضا ، فقد روي عن أنس رضي الله عنه أنه قال : رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلا يسوق بدنة ، فقال : «اركبها» قال : إنّها بدنة.
قال : «اركبها» قال : إنّها بدنة قال : «اركبها» ثلاثا. متفق عليه (١).
وروي عن جابر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول ـ في البدنة ـ : «اركبها بالمعروف» (٢) فالحديثان مطلقان كالآية فيجوز الانتفاع بالبدنة على كل حال ، وإذا فلا يكون فرق بين البدنة والناقة التي لم يسقها ، فليس عليه فيما ينتفع به من ذلك ضمان.
حجة الشافعية : استدلّ الشافعية بما أورده المجيزون في دليلهم الأول ، وبأنّ إطلاق الآية يجب أن يقيّد بما ورد من الأحاديث التي تفيد أنّ الإباحة تثبت للحاجة : من ذلك : ما رواه أحمد والنسائي عن أنس أنه عليه الصلاة والسلام رأى رجلا يسوق بدنة ، وقد أجهده المشي فقال : «اركبها» قال : إنّها بدنة. قال : «اركبها ، ولو كانت بدنة» (٣).
وروي عن جابر أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «اركبوا الهدي بالمعروف حتى تجدوا ظهرا» (٤) فهذان الحديثان يدلان على أنّ الإباحة إنما كانت لمسيس الحاجة إلى الانتفاع. قالوا : وعلى هذا يجب أن تحمل الآية والأحاديث المطلقة جمعا بين الأدلة.
ثم إنه ليس في كل ذلك دليل على وجوب ضمان شيء من منافع الهدي ، فلا يضمن المنتفع شيئا منها للفقراء ، نعم إذا كان الركوب ينقص قيمتها نقصا بينا فعليه ضمان هذا النقص.
حجة الحنفية : قال الحنفية ينبغي أن تحمّل الشعائر في الآية على الأنعام التي يراد سوقها للكعبة ، لا على البدن التي سيقت بالفعل ، فهي مجاز بقرينة إيقاع التعظيم عليها ، فإنّ الآية ندبت إلى تعظيمها. ولا شك أنّ من تعظيمها تخيّرها سمينة حسنة ، وذلك إنما يكون قبل سوقها وتعيينها هديا وهذه الأنعام التي تكون هديا بالسوق هي التي أباح الله الانتفاع بها إلى الأجل المسمى.
__________________
(١) رواه مسلم في الصحيح (٢ / ٩٦٠) ، ١٥ ـ كتاب الحج ، ٦٥ ـ باب جواز ركوب البدنة حديث رقم (٣٧٣ / ١٣٢٣) ، والبخاري في الصحيح (٣ / ٢١٩) ٢٥ ـ كتاب الحج ، ١٠٣ ـ باب ركوب البدن حديث رقم (١٦٩٠).
(٢) رواه مسلم في الصحيح (٢ / ٩٦١) ، ١٥ ـ كتاب الحج ، ٦٥ ـ باب ركوب البدنة حديث رقم (٣٧٥ / ١٣٢٤).
(٣) رواه النسائي في السنن (٥ ـ ٦ / ١٩٥ كتاب المناسك ، باب ركوب البدنة حديث رقم (٢٨٠١).
(٤) رواه مسلم في الصحيح كتاب الحج حديث رقم (١٣٢٤) ، وأبو داود في السنن (٢ / ٨١) ، باب ركوب البدن حديث رقم (١٧٦١) ، وأحمد في المسند (٣ / ٣٤٨) ، والنسائي (٥ ـ ٦ / ١٩٤) ، كتاب المناسك باب ركوب البدنة حديث رقم (٢٨٠١).