والإيواء : الضم والتقريب.
والابتغاء : الطلب.
والعزل : الإبعاد.
اختلف في سبب نزول هذه الآية ، فروى أبو رزين العقيلي أنّ نساء النبي صلىاللهعليهوسلم لمّا أشفقن أن يطلقهنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قلن : يا رسول الله! اجعل لنا من نفسك ومالك ما شئت فكانت منهن : سودة بنت زمعة ، وجويرية ، وصفية ، وميمونة ، وأم حبيبة غير مقسوم لهنّ.
وكان ممن آوى : عائشة ، وحفصة ، وزينب ، وأم سلمة : يضمهن ويقسم لهن.
وقيل كان النبي صلىاللهعليهوسلم إذا خطب امرأة لم يكن الرجل أن يخطبها حتى يتزوجها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو يتركها.
ويكون المعنى على ما روى أبو رزين : اعزل من شئت من القسم ، وضمّ إليك من تشاء.
ويرى ابن العربي (١) أنّ القولين غير صحيحين ، أما ما روي عن أبي رزين فلم يرد من طريق صحيح.
وأما الآخر ، فلأنّ امتناع الخطبة بعد خطبة الرسول صلىاللهعليهوسلم لا ذكر له ، ولا إشعار به ، وهو مع كونه غير خاص بالنبي صلىاللهعليهوسلم لا يكاد يتسق مع باقي الآية.
وقد اختلف العلماء في المراد من الإرجاء والإيواء :
فقد روي عن ابن عباس أنّ معنى الآية : تطلّق من تشاء ، وتمسك من تشاء. وروي عن قتادة : أنّ المعنى : تترك من تشاء ، وتنكح من تشاء ، وقد أسلفنا لك. عن أبي رزين ما يفيد أن المعنى : تترك من تشاء من غير قسم ، وتقسم لمن تشاء.
ويرى ابن العربي (٢) أنّ الصحيح في سبب نزول الآية وفي معناها هو ما روي من طريق صحيحة عن عائشة أنها قالت : كنت أغار على اللائي وهبن أنفسهنّ لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأقول : أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) قلت : ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.
وثبت في «الصحيح» (٣) أيضا عنها أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يستأذن في يوم المرأة منّا بعد أن نزلت هذه الآية : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ) فقيل لها : فما كنت تقولين؟ قالت : كنت أقول : إن كان الأمر إليّ فإني لا أريد يا رسول الله أن أوثر عليك أحدا أبدا.
__________________
(١) أحكام القرآن للإمام ابن العربي (٣ / ١٥٥٤).
(٢) المرجع نفسه (٣ / ١٥٥).
(٣) رواه البخاري في الصحيح (٦ / ٢٨) ، ٦٥ ـ كتاب التفسير ، ٧ ـ باب ترجي من تشاء حديث رقم (٤٧٨٩).