وفي رواية : «قيل : يا رسول الله أجر خمسين رجلا منا أو منهم ، قال : لا بل أجر خمسين منكم» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن غريب وقيل في معنى الآية : إن العبد إذا عمل بطاعة الله واجتنب نواهيه لا يضره من ضل. وقال ابن عباس : قوله «عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم» يقول إذا ما العبد أطاعني فيما أمرته من الحلال والحرام فلا يضره من ضل بعده إذا عمل بما أمرته به وعن صفوان بن محرز قال : دخل عليّ شاب من أصحاب الأهواء فذكر شيئا من أمره فقلت له : ألا أدلك على خاصة الله التي خص بها أوليائه «يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم» وقال الحسن : لم يكن مؤمن فيما مضى ولا مؤمن فيما بقي إلا وإلى جانبه منافق يكره عمله. وقيل في معنى الآية : لا يضركم من كفر بالله وحاد عن قصد السبيل من أهل الكتاب إذا اهتديتم أنتم. قال سعيد بن جبير : نزلت هذه الآية في أهل الكتاب. وقال ابن زيد : كان الرجل إذا أسلم قالوا له سفهت آباءك وضللتهم وفعلت وفعلت وكان ينبغي لك أن تنصرهم وتفعل وتفعل فقال الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) قال الطبري : وأولى هذه الأقوال وأصح التأويلات عندنا في هذه الآية ما روي عن أبي بكر الصديق وهو العمل بطاعة الله وأداء ما لزم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ على يد الظالم لأن الله تعالى يقول : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) ومن التعاون على البر والتقوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ على يد الظالم حتى يرجع عن ظلمه.
وقال عبد الله بن المبارك : هذه الآية أوكد آية في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن الله تعالى قال : عليكم أنفسكم يعني أهل دينكم بأن يعظ بعضكم بعضا ويرغبه في الخيرات وينفره عن القبائح والمكروهات والذي يؤكد ذلك أن معنى قوله : عليكم أنفسكم أي احفظوا أنفسكم وهذا أمر بأن نحفظ أنفسنا ولا يتم ذلك إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والله أعلم.
وقوله تعالى : (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) يعني في الآخرة الطائع والعاصي والضال والمهتدي (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) يعني فيخبركم بأعمالكم ويجزيكم عليها.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) سبب نزول هذه الآية ما روي أن تميم بن أوس الداري ، وعدي بن بداء ، خرجا من المدينة في تجارة إلى الشام وهما نصرانيان ومعهما بديل مولى عمرو بن العاص وكان مسلما فلما قدموا الشام مرض بديل فكتب كتابا فيه جميع ما معه من المتاع وألقاه في متاعه ولم يخبر صاحبيه بذلك فلما اشتد وجعه أوصى إلى تميم وعدي وأمرهما أن يدفعا متاعه إلى أهله إذا رجعا إلى المدينة ومات بديل ، ففتشا متاعه ، فوجدا فيه إناء من فضة منقوشا بالذهب فيه ثلاثمائة مثقال فغيباه ، ثم إنهما قضيا حاجتهما وانصرفا إلى المدينة فدفعا المتاع إلى أهل البيت ففتشوه فأصابوا الصحيفة وفيها تسمية ما كان معه فجاء أهل الميت إلى تميم وعدي فقالوا : هل باع صاحبنا شيئا من متاعه قالا : لا. قالوا : فهل أتجر تجارة؟ قالا : لا. قالوا : فهل طال مرضه فأنفق شيئا على نفسه قالا : لا. قالوا : إنا وجدنا في متاعه صحيفة فيها تسمية ما كان معه وإنا فقدنا إناء من فضة منقوشا بالذهب فيه ثلاثمائة مثقال فضة قالا : لا ندري إنما أوصى إلينا بشيء وأمرنا أن ندفعه إليكم فدفعناه وما لنا علم بالإناء فاختصموا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فأصرا على الإنكار وحلفا فأنزل الله هذه الآية هذا قول المفسرين. وروى الترمذي عن ابن عباس عن تميم الداري في هذه الآية يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا