وَأَبى) يعني فرعون وزعم أنها سحر وأبى أن يسلم (قالَ) يعني فرعون (أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا) يعني مصر (بِسِحْرِكَ يا مُوسى) يريد أن تغلب على ديارنا فيكون لك الملك وتخرجنا منها (فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً) أي اضرب أجلا وميقاتا (لا نُخْلِفُهُ) لا نجاوزه (نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً) أي مكانا عدلا وقال ابن عباس : نصفا تستوي مسافة الفريقين إليه وقيل معناه سوى هذا المكان (قالَ) يعني موسى (مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ) قيل كان يوم عيد لهم يتزينون فيه ويجتمعون في كل سنة وقيل هو يوم النيروز وقال ابن عباس يوم عاشوراء (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) أي وقت الضحوة نهارا جهارا ليكون أبعد من الريبة (فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ) يعني فرعون (كَيْدَهُ) يعني مكره وسحره وحيله (ثُمَّ أَتى) يوم المعاد (قالَ لَهُمْ مُوسى) يعني للسحرة الذين جمعهم فرعون وكانوا اثنين وسبعين ساحرا مع كل ساحر حبل وعصا وقيل كانوا أربعمائة وقيل كانوا اثني عشر ألفا (وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ) أي فيهلكنكم ويستأصلكم (وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى) أي خسر من ادعى مع الله إلها آخر وقيل معناه خسر من كذب على الله تعالى. قوله تعالى :
(فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى (٦٢) قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى (٦٣) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى (٦٤))
(فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ) أي تناظروا وتشاوروا ، يعني السحرة في أمر موسى سرا من فرعون وقالوا إن غلبنا موسى اتبعناه ، معناه لما قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا. قال بعضهم لبعض ما هذا بقول ساحر (وَأَسَرُّوا النَّجْوى) أي المناجاة (قالُوا) قال بعضهم لبعض سرا (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) يعني موسى وهارون (يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ) يعني من مصر (بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) قال ابن عباس : يعني بسراة قومكم وأشرافكم ، وقيل معناه يصرفان وجوه الناس عنكم ، وقيل أراد أهل طريقتكم المثلى وهم بنو إسرائيل يعني يريد أن يذهبا بهم لأنفسهما ، وقيل معناه يذهبا بسنتكم وبدينكم الذي أنتم عليه (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ) أي لا تدعو شيئا من كيدكم إلا جئتم به ، وقيل معناه اعزموا كلكم على كيده مجتمعين له ولا تختلفوا فيختل أمركم (ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) أي جمعا مصطفين ليكون أشد لهيبتكم وقيل معناه ثم ائتوا المكان الموعود به (وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى) أي فاز من غلب.
(قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى (٦٥) قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى (٦٦) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (٦٧) قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى (٦٨) وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى (٦٩) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (٧٠) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (٧١) قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى (٧٣) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (٧٤) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (٧٥))
(قالُوا) يعني السحرة (يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ) أي عصاك (وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى) أي عصينا