سورة ابراهيم
هي مكية سوى آيتين ، وهما قوله سبحانه وتعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) إلى آخر الآيتين وهي إحدى وقيل : اثنتان وخمسون آية وثمانمائة وإحدى وستون كلمة وثلاثة ألاف وأربعمائة وأربعة وثلاثون حرفا.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١) اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٢))
قوله عزوجل : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ) يعني هذا كتاب أنزلناه إليك يا محمد والكتاب هو القرآن المنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) يعني بهذا القرآن والمراد من الظلمات الكفر والضلالة والجهل ، والمراد بالنور : الإيمان. قال الإمام فخر الدين الرازي رحمهالله : وفيه دليل على أن طرق الكفر والبدع كثيرة وطريق الحق ليس إلا واحدا لأنه تعالى قال : لتخرج الناس من الظلمات إلى النور فعبر عن الجهل والكفر والضلال بالظلمات وهي صيغة جمع وعبر عن الإيمان والهدى بالنور وهو لفظ مفرد وذلك يدل على أن طرق الكفر والجهل كثيرة ، وأما طريق العلم والإيمان فليس إلا واحد (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) يعني بأمر ربهم وقيل : بعلم ربهم (إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) يعني إلى دين الإسلام وهو دينه الذي أمر به عباده ، والعزيز هو الغالب الذي لا يغلب والحميد المحمود على كل حال المستحق لجميع المحامد (اللهِ) قرئ بالرفع على الاستئناف وخبره ما بعده وقرئ بالجر نعتا للعزيز الحميد فقال أبو عمرو قراءة الخفض على التقديم والتأخير تقديره إلى صراط الله العزيز الحميد (الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) يعني ملكا وما فيهما عبيده (وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ) يعني الذين تركوا عبادة من يستحق العبادة الذي له ما في السموات وما في الأرض ، وعبدوا من لا يملك شيئا البتة بل هو مملوك لله لأنه من جملة خلق الله ، ومن جملة ما في السموات وما في الأرض (مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ) يعني معد لهم في الآخرة ثم وصفهم فقال تعالى :
(الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (٣) وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٥) وَإِذْ قالَ