كلمة غير استرجاعه وهوى حتى أناخ راحلته فوطئ على يديها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا معرسين».
وفي رواية «موغرين في نحر الظهيرة قالت فهلك من هلك في شأني وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي ابن سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمنا المدينة شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك وهو يريبني في وجعي أني لا أرى من النبيّ صلىاللهعليهوسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي إنما يدخل فيسلم ثم يقول : كيف تيكم ثم ينصرف فذلك الذي يريبني منه ولا أشعر بالشر حتى نقهت فخرجت أنا وأم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل ، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا فانطلقت أنا وأم مسطح وهي ابنة أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب حين فرغنا من شأننا نمشي فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت : تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت : أتسبين رجلا قد شهد بدرا؟ فقالت : يا هنتاه أو لم تسمعي ما قال؟ قلت : وما قال فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا إلى مرضي فلما رجعت إلى بيتي فدخل علي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال : كيف تيكم قلت : أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قال وأنا حينئذ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما فأذن لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأتيت أبوي قالت فقلت لأمي يا أمتاه ماذا يتحدث الناس به فقالت : يا بنية هوني على نفسك فو الله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها قالت : فقلت سبحان الله وقد تحدث الناس بهذا قالت فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي قالت : ودعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم علي بن أبي طالب وأسامة ابن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله قالت : فأما أسامة فأشار عليه بما يعلم براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود فقال أسامة هم أهلك يا رسول الله ولا نعلم والله إلا خيرا وأما علي بن أبي طالب فقال يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وسل الجارية تصدقك قالت : فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بريرة فقال : أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟ قالت له بريرة : لا والذي بعثك بالحق إن رأيت منها أمرا قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فيأتي الداجن فيأكله قالت : فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم من يومه فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو على المنبر : من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهلي وفي رواية في أهل بيتي فو الله ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي قالت : فقام سعد بن معاذ أحد بني عبد الأشهل فقال : أنا أعذرتك منه يا رسول الله إن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج. أمرتنا ففعلنا فيه أمرك فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه وكان رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية فقال لسعد بن معاذ : كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على ذلك فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد يعني ابن معاذ فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين فتثاور الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله صلىاللهعليهوسلم قائم على المنبر فلم يزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت قالت : وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم فأصبح عندي أبواي وقد بكيت ليلتين ويوما حتى أظن أن البكاء فالق كبدي قالت فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي إذ استأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي معي فبينا نحن كذلك إذ دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسلّم ثم جلس ولم يجلس عندي من يوم قيل لي ما قيل قبلها وقد مكث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء قالت فتشهّد رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين جلس ثم قال : أما بعد يا عائشة فإنه بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإنّ العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه. فلما قضى