(لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢) لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٣) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٤) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ (١٥) وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ (١٦) يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧) وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٨) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (١٩) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (٢٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢١))
(لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ) يعني الحديث الكذب وهو قول أهل الإفك (ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ) بإخوانهم وأهل دينهم (خَيْراً) والمعنى كان الواجب على المؤمنين إذ سمعوا قول أهل الإفك أن يكذبوه ويحسنوا الظن ولا يسرعوا في التهمة وقول الزور فيمن عرفوا عفته وطهارته وفيه معاتبة للمؤمنين (وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ) يعني كذب بين لا حقيقة له (لَوْ لا) يعني هلا (جاؤُ عَلَيْهِ) يعني على ما زعموا (بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) يعني يشهدون بذلك (فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ) يعني في حكم الله (هُمُ الْكاذِبُونَ) وهذا من باب الزواجر. فإن قلت كيف يصيرون عند الله كاذبين إذا لم يأتوا بالشهداء ومن كذب فهو عند الله كاذب سواء أتى بالشهداء أو لم يأت. قلت قيل هذا في حق الذين رموا عائشة خاصة ومعناه فأولئك هم الكاذبون في غيبي. وعلمي وقيل معناه فأولئك عند الله في حكم الكاذبين فإن الكاذب يجب زجره عن الكذب والقاذف إذا لم يأت بالشهود يجب زجره. قوله تعالى (لَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ) معناه لو لا أني قضيت أن أتفضل عليكم في الدنيا بضروب النعم التي من جملتها الإمهال للتوبة وأن أترحم عليكم في الآخرة بالعفو والمغفرة لعاجلتكم بالعقاب على ما خضتم به من حديث الإفك والخطاب للقذفة وهذا الفضل هو تأخير العذاب وقبول التوبة ممن تاب (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) أي يرويه بعضكم عن بعض وذلك أن الرجل منهم يلقى الرجل فيقول بلغني كذا وكذا فيتلقونه تلقيا يلقيه بعضهم إلى بعض (وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) أي من غير أن تعلموا أنه حق (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً) أي وتظنون أنه سهل لا إثم فيه (وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ) أي في الوزر (وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ) قيل هو للتعجب وقيل هو للتنزيه (هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ) أي كذب عظيم يبهت ويحير من عظمه. روي أن أم أيوب الأنصاري قالت لأبي أيوب الأنصاري : ما بلغك ما يقول الناس في عائشة فقال : سبحانك هذا بهتان عظيم فنزلت الآية على وفق قوله (يَعِظُكُمُ اللهُ) قال ابن عباس يحرم الله عليكم وقيل ينهاكم الله (أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) أي في الأمر والنهي (وَاللهُ عَلِيمٌ) أي بأمر عائشة وصفوان (حَكِيمٌ) أي حكم ببراءتهما. قوله عزوجل (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ) أي يظهر الزنا ويذيع (فِي الَّذِينَ آمَنُوا) قيل الآية مخصوصة بمن قذف عائشة والمراد بالذين آمنوا جميع المؤمنين (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا) يعني الحد والذم على فعله (وَالْآخِرَةِ) أي وفي الآخرة لهم النار (وَاللهُ يَعْلَمُ) أي كذبهم وبراءة عائشة وما خاضوا فيه من سخط الله (وَأَنْتُمْ