(وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ) قيل كانت عليه مدرعة صوف لا كمّ لها ، ولا أزرار فأدخل يده في جيبها وأخرجها فإذا هي تبرق مثل شعاع الشمس أو البرق (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) يعني من غير برص (فِي تِسْعِ آياتٍ) يعني آية مع تسع آيات أنت مرسل بهن فعلى هذا تكون الآيات إحدى عشرة العصا واليد البيضاء والفلق والطوفان والجراد ، والقمل والضفادع والدم والطمس والجدب في بواديهم ، والنقصان في مزارعهم ، وقيل : في بمعنى من أي من تسع آيات فتكون اليد البيضاء من التسع (إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) يعني خارجين عن الطاعة (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً) يعني بينة واضحة يبصرونها (قالُوا هذا) يعني الذي نراه (سِحْرٌ مُبِينٌ) يعني ظاهر (وَجَحَدُوا بِها) يعني أنكروا الآيات ، ولم يقروا أنها من عند الله (وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) يعني علموا أنها من عند الله والمعنى أنهم جحدوا بها بألسنتهم واستيقنوها بقلوبهم وضمائرهم (ظُلْماً وَعُلُوًّا) أي شركا وتكبرا عن أن يؤمنوا بما جاء به موسى (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) يعني الغرق.
قوله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً) يعني علم القضاء والسياسة وعلم داود تسبيح الطير ، والجبال وعلم سليمان منطق الطير والدواب (وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا) يعني بالنبوة والكتاب والملك وتسخير الجن والإنس (عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) أراد بالكثير الذين فضلا عليهم من لم يؤت علما أو لم يؤت مثل علمهما ، وفيه أنهما فضلا على كثير وفضل عليهما كثير وقيل إنهما لم يفضلا أنفسهما على الكل ، وذلك يدل على حسن التواضع. قوله تعالى (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) يعني نبوته وعلمه ، وملكه دون سائر أولاده وكان لداود تسعة عشر ابنا وأعطي سليمان ما أعطي داود وزيد له تسخير الريح ، والجن والشياطين قال مقاتل : كان سليمان أعظم ملكا من داود ، وأقضى منه وكان داود أشد تعبدا من سليمان وكان سليمان شاكرا لنعم الله تعالى (وَقالَ) يعني سليمان (يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ) سمى صوت الطير منطقا لحصول الفهم منه ، وروي عن كعب الأحبار قال : صاح ورشان عند سليمان ، فقال : أتدرون ما يقول هذا؟ قالوا : لا قال إنه يقول لدوا للموت وابنوا للخراب وصاحت فاختة فقال : أتدرون ما تقول؟ قالوا لا قال إنها تقول ليت الخلق لم يخلقوا وصاح طاوس فقال أتدرون ما يقول؟ قالوا : لا قال : إنه يقول كما تدين تدان وصاح هدهد فقال : أتدرون ما يقول هذا؟ قالوا : لا قال : إنه يقول من لا يرحم لا يرحم وصاح صرد فقال : أتدرون ما يقول هذا؟ قالوا : لا قال إنه يقول استغفروا ربكم يا مذنبين وصاحت طيطوى فقال أتدرون ما تقول؟ قالوا : لا قال : فإنها تقول كل حي ميت وكل جديد بال وصاح خطاف فقال : أتدرون ما يقول قالوا : لا قال : إنه يقول قدموا خيرا تجدوه وهدرت حمامة قال : أتدرون ما تقول قالوا : لا قال : إنها تقول سبحان ربي الأعلى ملء سمائه وأرضه وصاح قمري قال أتدرون ما يقول؟ قالوا : لا قال إنه يقول سبحان ربي الدائم قال والغراب يدعو على العشار والحدأة تقول كل شيء هالك إلا وجهه ، والقطاة تقول من سكت سلم والببغاء تقول : ويل لمن كانت الدنيا همه. والضفدع يقول سبحان ربي القدوس والبازي يقول : سبحان ربي وبحمده والضفدعة تقول : سبحان المذكور بكل لسان.
وعن مكحول قال صاح دراج عند سليمان فقال : أتدرون ما يقول قالوا : لا قال إنه يقول الرحمن على العرش استوى وقال فرقد مر سليمان على بلبل فوق شجرة يحرك رأسه ، ويميل ذنبه فقال : لأصحابه أتدرون ما يقول هذا البلبل؟ قالوا الله ونبيه أعلم قال إنه يقول أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء وروي أن جماعة من اليهود قالوا لا بن عباس : إنا سائلوك عن سبعة أشياء إن أخبرتنا آمنا وصدقنا قال : سلوا تفقها لا تعنتا قالوا أخبرنا ما تقول القنبرة في صفيرها والديك في صعيقه ، والضفدع في نقيقه والحمار في نهيقه ، والفرس في صهيله وماذا يقول الزرزور والدراج قال نعم أما القنبر فإنه يقول : اللهم العن مبغض محمد وآل محمد والديك يقول اذكروا الله يا غافلين وأما الضفدع ، فإنه يقول سبحان الله المعبود في البحار وأما الحمار فإنه يقول اللهم العن العشار وأما