سورة العنكبوت
وهي مكية وآياتها تسع وستون آية وكلماتها تسعمائة وثمانون كلمة وحروفها أربعة آلاف ومائة وخمسة وستون حرفا.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ (٣) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٤) مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٥) وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (٦) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٧) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨))
قوله عزوجل (الم أَحَسِبَ النَّاسُ) أي أظن الناس (أَنْ يُتْرَكُوا) أي بغير اختبار وابتلاء (أَنْ) أي بأن (يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) أي لا يبتلون في أموالهم وأنفسهم كلا لنختبرنهم لنبين المخلص من المنافق والصادق من الكاذب. قيل : نزلت هذه الآية في أناس كانوا بمكة قد أقروا بالإسلام فكتب إليهم أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم أنه لا يقبل منكم الإقرار بالإسلام حتى تهاجروا فخرجوا عامدين إلى المدينة فأتبعهم المشركون فقاتلهم الكفار ، فمنهم من قتل ومنهم من نجا فنزل الله هاتين الآيتين. وقال ابن عباس : أراد بالناس الذين آمنوا بمكة سلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد وعمار بن ياسر وغيرهم. وقيل في عمار كان يعذب في الله تعالى وقيل في مهجع بن عبد الله مولى عمر وكان أول من قتل من المسلمين يوم بدر فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «سيد الشهداء مهجع وهو أول من يدعى إلى باب الجنة من هذه الأمة» فجزع أبواه وامرأته فأنزل الله هذه الآية ثم عزاهم فقال تعالى (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يعني الأنبياء فمنهم من نشر بالمنشار ومنهم من قتل وابتلي بنو إسرائيل بفرعون فكان يسومهم سوء العذاب (فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا) أي في قولهم (وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) والله تعالى عالم بهم قبل الاختبار ومعنى الآية فليظهرن الله الصادقين من الكاذبين حتى يوجد معلومه. وقيل إن آثار أفعال الحق صفة يظهر فيها كل ما يقع وما هو واقع. قوله تعالى (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) يعني الشرك (أَنْ يَسْبِقُونا) أي يعجزونا فلا نقدر على الانتقام منهم (ساءَ ما يَحْكُمُونَ مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ) قال ابن عباس من كان يخشى البعث والحساب وقيل من كان يطمع في ثواب الله (فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ) يعني ما وعد الله من الثواب والعقاب. وقيل يوم القيامة لكائن والمعنى أن من يخشى الله ويؤمله فليستعد له وليعمل لذلك اليوم (وَهُوَ السَّمِيعُ