سورة الروم
مكية وهي ستون آية وتسع عشرة كلمة وثلاثة آلاف وخمسمائة وأربعة وثلاثون حرفا.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣))
قوله عزوجل (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) سبب نزول هذه الآية على ما ذكره المفسرون أنه كان بين فارس والروم قتال وكان المشركون يودون أن تغلب فارس الروم لأن فارسا كانوا مجوسا أميين والمسلمون يودون غلبة الروم على فارس لكونهم أهل كتاب فبعث كسرى جيشا إلى الروم واستعمل عليهم رجلا يقال له شهرمان وبعث قيصر رجالا وجيشا وأمر عليهم رجلا يدعى بخين فالتقيا بأذرعات وبصرى وهي أدنى الشام إلى أرض العرب والعجم فغلبت فارس الروم فبلغ ذلك المسلمين بمكة فشق عليهم وفرح به كفار مكة ، وقالوا للمسلمين : إنكم أهل كتاب والنصارى أهل كتاب ونحن أميون وفارس أميون وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من الروم فإنكم إن قاتلتمونا لنظهرن عليكم فأنزل الله هذه الآيات فخرج أبو بكر الصديق إلى كفار مكة فقال : فرحتم بظهور إخوانكم فلا تفرحوا فو الله ليظهرن الروم على فارس. أخبرنا بذلك نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم فقام إليه أبي بن خلف الجمحي فقال كذبت : فقال أنت أكذب يا عدو الله فقال : اجعل بيننا أجلا أناحبك عليه والمناحبة بالحاء المهملة القمار والمراهنة أراهنك على عشر قلائص مني وعشر قلائص منك فإذا ظهرت فارس على الروم غرمت وإذا ظهرت الروم على فارس غرمت ففعلوا وجعلوا الأجل ثلاث سنين فجاء أبو بكر إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وأخبره بذلك قبل تحريم القمار. فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : ما هكذا ذكرت إنما البضع ما بين الثلاث إلى التسع فزايده في الخطر ومادده في الأجل فخرج أبو بكر فلقي أبيّا فقال لعلك ندمت فقال لا فتعال أزايدك في الخطر وأماددك في الأجل فاجعلها مائة قلوص ومائة قلوص إلى تسع سنين فقال قد فعلت فلما خشي أبي بن خلف أن يخرج أبو بكر من مكة أتاه ولزمه وقال : إني أخاف أن تخرج من مكة فأقم لي ضامنا كفيلا فكفله ابنه عبد الله بن أبي بكر فلما أراد أبي بن خلف أن يخرج إلى أحد أتاه عبد الله بن أبي بكر فلزمه وقال والله لا أدعك حتى تعطيني كفيلا فأعطاه كفيلا ثم خرج إلى أحد قال : ثم رجع أبي بن خلف إلى مكة ومات بها من جراحته التي جرحه النبيّ صلىاللهعليهوسلم حين بارزه وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية وذلك على رأس سبع سنين من مناحبتهم وقيل كان يوم بدر وربطت الروم خيولهم بالمدائن وبنوا بالعراق مدينة وسموها رومية فقمر أبو بكر أبيّا وأخذ مال الخطر من ورثته وجاء به للنبي صلىاللهعليهوسلم وذلك قبل أن يحرم القمار فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : تصدق به. وكان سبب غلبة الروم فارسا على ما قال عكرمة وغيره : أن شهرمان لما غلب الروم لم يزل يطؤهم ويخرب مدائنهم حتى بلغ الخليج فبينا أخوه فرحان جالس ذات يوم يشرب قال لأصحابه : لقد رأيت كأني جالس على سرير كسرى فبلغت كلمته كسرى فكتب إلى شهرمان إذا أتاك كتابي فابعث إلي برأس أخيك فرحان فكتب إليه أيها الملك إنك لم تجد مثل فرحان إن له