(إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) أي قوة وقدرة وذلك أن إبليس لما قال : لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ، أوهم بهذا الكلام أن له سلطانا على غير المخلصين فبين الله سبحانه وتعالى ، أنه ليس له سلطان على أحد من عبيده سواء كان من المخلصين ، أو لم يكن من المخلصين. قال أهل المعاني : ليس لك عليهم سلطان على قلوبهم ، وسئل سفيان بن عيينة عن هذه الآية فقال : معناه ليس لك عليهم سلطان أن تلقيهم في ذنب يضيق عنه عفوي ، وهؤلاء خاصته أي الذين هداهم ، واجتباهم من عباده (إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) يعني إلا من اتبع إبليس من الغاوين ، فإن له عليهم سلطانا بسبب كونهم منقادين له فيما يأمرهم به (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ) يعني موعد إبليس وأتباعه وأشياعه (لَها) يعني لجهنم (سَبْعَةُ أَبْوابٍ) يعني سبع طبقات. قال علي بن أبي طالب : تدرون كيف أبواب جهنم هكذا ووضع إحدى يديه على الأخرى أي سبعة أبواب بعضها فوق بعض. قال ابن جريج : النار سبع دركات أولها جهنم ، ثم لظى ، ثم الحطمة ، ثم السعير ، ثم سقر ، ثم الجحيم ، ثم الهاوية (لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) يعني لكل دركة قوم يسكنونها والجزء بعض الشيء ، وجزأته جعلته أجزاء ، والمعنى أن الله سبحانه وتعالى يجزئ أتباع إبليس سبعة أجزاء فيدخل كل قسم منهم في النار دركة من النار والسبب فيه أن مراتب الكفر مختلفة فلذلك اختلفت مراتبهم في النار. قال الضحاك : في الدركة الأولى أهل التوحيد الذين أدخلوا النار يعذبون فيها بقدر ذنوبهم ثم يخرجون منها ، وفي الثانية النصارى ، وفي الثالثة اليهود ، وفي الرابعة الصابئون ، وفي الخامسة المجوس ، وفي السادسة أهل الشرك ، وفي السابعة المنافقون فذلك ، قوله سبحانه وتعالى «إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار» عن ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «لجهنم سبعة أبواب باب منها لمن سل السيف على أمتي أو قال على أمة محمد صلىاللهعليهوسلم» أخرجه الترمذي. وقال : حديث غريب قوله سبحانه وتعالى (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) المراد بالمتقين الذين اتقوا الشرك في قول جمهور المفسرين وقيل : هم الذين اتقوا الشرك والمعاصي والجنات والبساتين والعيون والأنهار الجارية في الجنات ، وقيل : يحتمل أن تكون هذه العيون غير الأنهار الكبار التي في الجنة ، وعلى هذا فهل يختص كل واحد من أهل الجنة بعيون أو تجري هذه العيون من بعضهم إلى بعض؟ وكلا الأمرين محتمل فيحتمل أن كل واحد من أهل الجنة يختص بعيون تجري في جناته ، وقصوره ودوره فينتفع بها هو ومن يختص به من حوره وولدانه ، ويحتمل أنها تجري من جنات بعضهم إلى جنات بعض لأنهم قد طهروا من الحسد والحقد.
(ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ (٤٦) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٧) لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ (٤٨) نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ (٥٠))
(وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (٥١) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (٥٢) قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٥٣) قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (٥٤) قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ (٥٥) قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ (٥٦) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٥٧) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٥٨) إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٩) إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ (٦٠))
(ادْخُلُوها) أي يقال لهم : ادخلوها والقائل هو الله تعالى أو بعض ملائكته (بِسَلامٍ آمِنِينَ) يعني ادخلوا الجنة مع السلامة والأمن من الموت ومن جميع الآفات (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) الغل الحقد الكامن في القلب. ويطلق على الشحناء والعداوة والبغضاء والحقد والحسد ، وكل هذه الخصال المذمومة داخلة في