الغل لأنها كامنة في القلب يروى أن المؤمنين يحبسون على باب الجنة فيقتص بعضهم من بعض ثم يؤمر بهم إلى الجنة ، وقد نقيت قلوبهم من الغل والغش والحقد والحسد (إِخْواناً) يعني في المحبة والمودة والمخالطة ، وليس المراد منه إخوة النسب (عَلى سُرُرٍ) جمع سرير. قال بعض أهل المعاني : السرير مجلس رفيع عال مهيأ للسرور وهو مأخوذ منه لأنه مجلس سرور. وقال ابن عباس : على سرر من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت والسرير مثل صنعاء إلى الجابية (مُتَقابِلِينَ) يعني يقابل بعضهم بعضا لا ينظر أحد منهم في قفا صاحبه ، وفي بعض الأخبار أن المؤمن في الجنة إذا أراد أن يلقى أخاه المؤمن سار سرير كل واحد منهما إلى صاحبه فيلتقيان ويتحدثان (لا يَمَسُّهُمْ فِيها) يعني في الجنة (نَصَبٌ) أي تعب ولا إعياء (وَما هُمْ مِنْها) يعني من الجنة (بِمُخْرَجِينَ) هذا نص من الله في كتابه على خلود أهل الجنة في الجنة ، والمراد منه خلود بلا زوال وبقاء بلا فناء ، وكمال بلا نقصان وفوز بلا حرمان. قوله سبحانه وتعالى (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) قال ابن عباس : يعني لمن تاب منهم وروي أن النبي صلىاللهعليهوسلم خرج على أصحابه وهم يضحكون فقال : «أتضحكون وبين أيديكم النار فنزل جبريل بهذه الآية وقال : يقول لك ربك يا محمد مم تقنط عبادي» ذكره البغوي بغير سند (وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) قال قتادة بلغنا أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورع عن حرام ولو يعلم العبد قدر عذابه لبخع نفسه» يعني لقتل نفسه (خ) عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن الله سبحانه وتعالى خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة فأمسك عنده تسعا وتسعين رحمة ، وأدخل في خلقه كلهم رحمة واحدة ، فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة لم ييأس من الجنة ، ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار» وفي الآية لطائف منها أنه سبحانه وتعالى أضاف العباد إلى نفسه بقوله نبىء عبادي وهذا تشريف وتعظيم لهم ، ألا ترى أنه لما أراد أن يشرف محمدا صلىاللهعليهوسلم ليلة المعراج لم يزد على قوله «سبحان الذي أسرى بعبده ليلا» فكل من اعترف على نفسه بالعبودية لله تعالى فهو داخل في هذا التشريف العظيم ، ومنها أنه سبحانه وتعالى لما ذكر الرحمة والمغفرة بالغ في التأكيد بألفاظ ثلاثة أولها قوله : أني وثانيها أنا وثالثها إدخال الألف واللام في الغفور الرحيم ، وهذا يدل على تغليب جانب الرحمة والمغفرة. ولما ذكر العذاب لم يقل إني أنا المعذب ، وما وصف نفسه بذلك. بل قال : وأن عذابي هو العذاب الأليم على سبيل الإخبار ، ومنها أنه سبحانه وتعالى أمر رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يبلغ عباده هذا المعنى فكأنه أشهد رسوله على نفسه في التزام المغفرة والرحمة. قوله سبحانه وتعالى : (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) هذا معطوف على ما قبله أي وأخبر يا محمد عبادي عن ضيف إبراهيم. وأصل الضيف الميل يقال ضفت إلى كذا إذا ملت إليه والضيف من مال إليك نزولا بك وصارت الضيافة متعارفة في القرى وأصل الضيف مصدر ، ولذلك استوى فيه الواحد والجمع في عامة كلامهم ، وقد يجمع فيقال أضياف وضيوف وضيفان وضيف إبراهيم هم الملائكة الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى ، ليبشروا إبراهيم بالولد ويهلكوا قوم لوط (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ) يعني إذ دخل الأضياف على إبراهيم عليهالسلام (فَقالُوا سَلاماً) أي نسلم سلاما (قالَ) يعني إبراهيم (إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) أي خائفون وإنما خاف إبراهيم منهم لأنهم لم يأكلوا طعامه (قالُوا لا تَوْجَلْ) يعني لا تخف (إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) يعني أنهم بشروه بولد ذكر غلام في صغره عليم في كبره ، وقيل عليم بالأحكام والشرائع والمراد به إسحاق عليهالسلام فلما بشروه بالولد عجب إبراهيم من كبره وكبر امرأته (قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي) يعني بالولد (عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ) يعني على حالة الكبر ، قاله على طريق التعجب (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) يعني فبأي شيء تبشرون ، وهو استفهام بمعنى التعجب كأنه عجب من حصول الولد على الكبر (قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِ) يعني بالصدق الذي قضاه الله بأن يخرج منك ولدا ذكرا ، تكثر ذريته وهو إسحاق (فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ) يعني فلا تكن من الآيسين من الخير. والقنوط : هو الإياس من الخير (قالَ) يعني إبراهيم (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) يعني من ييأس من رحمة ربه إلا المكذبون ، وفيه