أكثرها أربع سنين وإليه ذهب الشافعي. وقال حماد بن أبي سلمة : إنما سمي هرم بن حيان هرما لأنه بقي في بطن أمه أربع سنين ، وعند مالك أن أكثر مدة الحمل خمس سنين (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) يعني بتقدير واحد لا يجاوزه ، ولا ينقص منه. وقيل : إنه تعالى يعلم كمية كل شيء وكيفيته على أكمل الوجوه. وقيل : معناه إنه تعالى خصص كل حادثة من الحوادث بوقت معين وحالة معينة وذلك بمشيئته الأزلية وإرادته وتقديره الذي لا يقدر عليه غيره (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) يعني أنه تعالى يعلم ما غاب عن خلقه ، وما يشاهدونه. وقيل : الغيب هو المعدوم والشاهد هو الموجود. وقيل : الغيب ما غاب عن الحس والشاهد ما حضر في الحس (الْكَبِيرُ) أي العظيم الذي يصغر كل كبير بالإضافة إلى عظمته وكبريائه فهو يعود إلى معنى كبر قدرته ، وأنه تعالى المستحق لصفات الكمال (الْمُتَعالِ) يعني المنزه عن صفات النقص المتعالي عن الخلق ، وفيه دليل على أنه تعالى موصوف بالعلم الكامل والقدرة التامة وتنزيهه عن جميع النقائص. قوله تعالى (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ) أي مستو منكم من أخفى القول وكتمه ومن أظهره وأعلنه ، والمعنى أنه قد استوى في علم الله تعالى المسرّ بالقول والجاهر به (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ) أي مستتر بظلمته (وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) أي ذاهب بالنهار في سربه ظاهر. والسرب بفتح السين وسكون الراء الطريق. وقال القتيبي : السارب المتصرف في حوائجه. قال ابن عباس في هذه الآية : هو صاحب ريبة مستخف بالليل ، وإذا خرج بالنهار أرى الناس أنه بريء من الإثم. وقيل : مستخف بالليل ظاهر من قولهم خفيت الشيء إذا أظهرته ، وأخفيته إذا كتمته وسارب بالنهار أي متوار دخل في السرب مستخفيا ، ومعنى الآية : سواء ما أضمرت به القلوب أو نطقت به الألسن ، وسواء من أقدم على القبائح مستترا في ظلمات الليل أو أتى بها ظاهرا في النهار فان علمه تعالى محيط بالكل (لَهُ مُعَقِّباتٌ) يعني : لله ملائكة يتعاقبون بالليل والنهار ، فإذا صعدت ملائكة الليل عقبتها ملائكة النهار والتعقيب العود بعد البدء وإنما ذكر معقبات بلفظ التأنيث ، وإن كان الملائكة ذكورا لأن واحدها معقب ، وجمعها معقبة ثم جمع المعقبة معقبات. كما قيل أبناوات سعد ورجالات بكر (ق) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «يتعقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر ، وصلاة العصر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ، وهو أعلم بهم ، كيف تركتم عبادي؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون. وقيل : إن مع كل واحد من بني آدم ملكين ملك عن يمينه ، وهو صاحب الحسنات وملك عن شمال وهو كاتب السيئات وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات فإذا عمل العبد حسنة كتبها له بعشر أمثالها ، وإذا عمل سيئة قال صاحب الشمال لصاحب اليمين أكتبها عليه فيقول : انظره لعله يتوب أو يستغفر فيستأذنه ثلاث مرات ، فإن هو تاب منها وإلا قال : اكتبها عليه سيئة واحدة وملك موكل بناصية العبد فإذا تواضع العبد لله عزوجل رفعه بها ، وإن تجبر على الله عزوجل وضعه بها وملك موكل بعينيه يحفظهما من الأذى وملك موكل بفيه لا يدعه يدخل فيه شيء من الهوام يؤذيه فهؤلاء خمسة أملاك موكلون بالعبد في ليله وخمسة غيرهم في نهاره ، فانظر إلى عظمة الله تعالى وقدرته وكمال شفقته عليك أيها العبد المسكين. وهو قوله تعالى (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) يعني : يحفظون العبد من بين يديه ومن وراء ظهره ، ومعنى من أمر الله بأمر الله وإذنه ما لم يجيء القدر فإذا جاء خلوا عنه. وقيل : معناه إنهم يحفظونه ، بما أمر الله به من الحفظ له. قال مجاهد : ما من عبد إلا وملك موكل به يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام فما من شيء يأتيه يؤذيه إلا قال له الملك وراءك ، إلا شيء يأذن الله فيه فيصيبه. وقال كعب الأحبار : لو لا أن الله تعالى وكلّ بكم ملائكة يذبّون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم لتخطفتكم الجن. وقال ابن جريج : معنى يحفظونه أي يحفظون عليه الحسنات والسيئات ، وهذا على قول من يقول : إن الآية في الملكين القاعدين عن اليمين وعن الشمال يكتبان الحسنات والسيئات ، وقال عكرمة : الآية في الأمراء وحرسهم يحفظونهم من بين أيديهم ، ومن خلفهم والضمير في قوله له راجع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم قال ابن عباس في