وعمي الذي منع الوائدات |
|
فأحيا الوئيد فلم يوأد |
عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «الوائدة والموءودة في النار» أخرجه أبو داود. وقوله تعالى (أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ) يعني بئس ما يصنعون ويقضون حيث يجعلون لله الذي خلقهم البنات ، وهم يستنكفون منهن ويجعلون لأنفسهم البنين نظيره قوله سبحانه وتعالى «ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمه ضيزي» وقيل : معناه ألا ساء ما يحكمون في وأد البنات (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ) يعني صفة السوء من احتياجاتهم إلى الولد الذكر ، وكراهتهم الإناث وقتلهن خوف الفقر (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) أي الصفة العليا المقدسة ، وهي أن له التوحيد وأنه المنزه عن الولد ، وأنه لا إله إلا هو وأن له جميع صفات الجلال والكمال من العلم والقدرة والبقاء السرمدي ، وغير ذلك من الصفات التي وصف الله بها نفسه. وقال ابن عباس : مثل السوء النار والمثل الأعلى شهادة أن لا إله إلا الله (وَهُوَ الْعَزِيزُ) أي الممتنع في كبريائه وجلاله (الْحَكِيمُ) يعني في جميع أفعاله قوله :
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٦١) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (٦٢) تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣) وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٦٤) وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٥) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ (٦٦) وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٦٧))
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ) يعني بسبب ظلمهم فيعاجلهم بالعقوبة على ظلمهم وكفرهم وعصيانهم.
فإن قلت الناس اسم جنس يشمل الكل وقد قال تعالى في آية أخرى «فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات» ، فقسمهم في تلك الآية ثلاثة أقسام فجعل الظالمين قسما واحدا من ثلاثة. قلت : قوله ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم عام مخصوص بتلك الآية الأخرى ، لأن في جنس الناس الأنبياء والصالحين ومن لا يطلق عليه اسم الظلم ، وقيل : أراد بالناس الكفار فقط بدليل قوله (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) وقوله (ما تَرَكَ عَلَيْها) يعني على الأرض كناية عن غير مذكور لأن الدابة لا تدب إلا على الأرض (مِنْ دَابَّةٍ) يعني أن الله سبحانه وتعالى ، لو يؤاخذ الناس بظلمهم لأهلك جميع الدواب التي على وجه الأرض. قال قتادة : وقد فعل الله ذلك في زمن نوح عليهالسلام وروي أن أبا هريرة سمع رجلا يقول : إن الظالم لا يضر إلا نفسه ، فقال : بئس ما قلت إن الحبارى تموت هزالا بظلم الظالم. وقال ابن مسعود : إن الجعل تعذب في جحرها بذنب ابن آدم وقيل أراد بالدابة الكافر بدليل قوله : «إن شر الدواب عند الله الذين كفروا» وقيل في معنى الآية ولو يؤاخذ الله الآباء الظالمين بسبب ظلمهم لا نقطع النسل ، ولم توجد الأبناء فلم يبق في الأرض أحد (وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ) يعني يمهلهم بفضله ، وكرمه وحلمه (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) يعني إلى انتهاء آجالهم وانقضاء أعمارهم (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) يعني لا يؤخرون ساعة من الأجل الذي جعله الله لهم ولا ينقصون عنه. وقيل : أراد بالأجل المسمى يوم القيامة ، والمعنى ولكن يؤخرهم إلى يوم القيامة فيعذبهم فلا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ) يعني لأنفسهم وهي البنات (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى)