يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨))
(ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) يعني الإسلام وقيل النبوة خص بها محمدا صلىاللهعليهوسلم (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) أي على خلقه حيث أرسل فيهم رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم.
قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ) يعني اليهود حيث كلفوا القيامة بها والعمل بما فيها وليس هو من الحمل على الظهر وإنما هو من الحمالة والحميل والكفيل (ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها) أي لم يعملوا بما فيها ولم يؤدوا حقها ، (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) جمع سفر الكتب العظام من العلم سمى سفرا لأنه سفر عما فيه من المعنى وهذا مثل ضربه الله تعالى لليهود الذين أعرضوا عن العمل بالتوراة والإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم شبهوا إذا لم ينتفعوا بما في التوراة الدال على الإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم بالحمار الذي يحمل الكتب ولا يدري ما فيها ولا ينتفع بها كذلك اليهود الذين يقرءون التوراة ولا ينتفعوا بها لأنهم خالفوا ما فيها وهذا المثل يلحق من لم يفهم معاني القرآن ولم يعمل بما فيه وأعرض عنه إعراض من لا يحتاج إليه ولهذا قال ميمون بن مهران يا أهل القرآن اتبعوا القرآن قبل أن يتبعكم ثم تلا هذه الآية ثم ذم هذا المثل والمراد منهم ذمهم فقال تعالى : (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ) يعني بئس مثلا مثل القوم (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ) يعني محمدا صلىاللهعليهوسلم وما أتي من آيات القرآن وقيل المراد من الآيات آيات التوراة لأنهم كذبوا بها حين تركوا الإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي لا يهدي من سبق في علمه أن يكون ظالما وقيل يعني الذين ظلموا أنفسهم بتكذيب آيات الله وأنبيائه (قُلْ) أي قل يا محمد (يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ) أي من دون محمد صلىاللهعليهوسلم وأصحابه (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ) ادعوا على أنفسكم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) يعني فيما زعمتم أنكم أبناء الله وأحياؤه فإن الموت هو الذي يوصلكم إليه لأن الآخرة خير لأولياء الله من الدنيا (وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) أي بسبب ما قدموا من الكفر والتكذيب (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) أي لا ينفعكم الفرار منه (ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فيه وعيد وتهديد.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩))
قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ) أي الوقت الصلاة (مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) أي في يوم الجمعة وأراد بهذا النداء الإذن عند قعود الإمام على المنبر للخطبة لأنه لم يكن في عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم نداء سواه «كان إذا جلس صلىاللهعليهوسلم على المنبر أذن بلال» (خ) عن السائب بن يزيد قال «كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبي بكر وعمر فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثاني على الزوراء» زاد في رواية «فثبت الأمر على ذلك» ، ولأبي داود قال «كان يؤذن بين يدي النبي صلىاللهعليهوسلم إذا جلس على المنبر يوم الجمعة على باب المسجد وذكر نحوه» الزوراء موضع عند سوق المدينة قريب من المسجد وقيل كان مرتفعا كالمنارة.
واختلفوا في تسمية هذا اليوم جمعة فقيل لأن الله تعالى جمع فيه خلق آدم وقيل لأن الله تعالى فرغ من خلق الأشياء فيه فاجتمعت فيه المخلوقات وقيل لاجتماع الجماعات فيه للصلاة وقيل أول من سمى هذا اليوم جمعة كعب بن لؤي قال أبو سلمة أول من قال أما بعد كعب بن لؤي وكان أول من سمى الجمعة جمعة وكان يقال لها