سورة المزمل
مكية قيل غير آيتين منها وهما قوله (وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) وقيل غير آية وهي (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ) الآية وهي عشرون آية ومائتان وخمس وثمانون كلمة وثمانمائة وثمانية وثلاثون حرفا
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (٣))
قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) هذا خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم وأصله المتزمل وهو الذي تزمل في ثيابه أي تلفف.
قال المفسرون كان النبي صلىاللهعليهوسلم يتزمل في ثيابه أول ما جاءه جبريل فرقا منه فكان يقول زملوني زملوني حتى أنس به. وقيل خرج يوما من البيت وقد لبس ثيابه فناداه جبريل يا أيها المزمل ، وقيل معناه متزمل النبوة أي حاملها والمعنى زملت هذا الأمر فقم به واحمله فإنه أمر عظيم وإنما لم يخاطب بالنبي والرسول لأنه كان في أول الأمر ومبدئه ، ثم خوطب بالنبي والرسول بعد ذلك ، وقيل كان صلىاللهعليهوسلم قد نام وهو متزمل في ثوبه فنودي يا أيها المزمل (قُمِ اللَّيْلَ) أي للصلاة والعبادة واهجر هذه الحالة واشتغل بالصلاة والعبودية وكان قيام الليل فريضة في ابتداء الإسلام (إِلَّا قَلِيلاً) أي صل الليل إلا قليلا تنام فيه وهو الثلث ثم بين قدر القيام فقال تعالى : (نِصْفَهُ) أي قم نصف الليل (أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً) أي إلى الثلث.
(أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (٤))
(أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) أي على النصف إلى الثلثين خيره بين هذه المنازل فكان النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه يقومون على هذه المقادير وكان الرجل منهم لا يدري متى ثلث الليل أو متى نصفه أو متى ثلثاه ، فكان يقوم الليل كله حتى يصبح مخافة أن لا يحفظ القدر الواجب واشتد ذلك عليهم حتى انتفخت أقدامهم فرحمهمالله وخفف عنهم ونسخها عنهم بقوله (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) قيل ليس في القرآن سورة نسخ آخرها أولها إلا هذه السورة وكان بين نزول أولها ونزول آخرها سنة. وقيل ستة عشر شهرا. وكان قيام الليل فرضا ثم نسخ بعد ذلك في حق الأمة بالصلوات الخمس وثبتت فريضته على النبي صلىاللهعليهوسلم بقوله تعالى : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) (م) عن سعد بن هشام قال «انطلقت إلى عائشة فقلت يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم قالت ألست تقرأ القرآن قلت بلى قالت فإن خلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان القرآن. قلت فقيام رسول الله صلىاللهعليهوسلم يا أم المؤمنين؟ قالت ألست تقرأ المزمل قلت بلى قالت فإن الله افترض القيام في أول هذه السورة فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء ثم أنزل التخفيف في آخر هذه السورة فصار قيام الليل تطوعا بعد الفريضة».