سورة المطففين
مدنية في قول ومكية في قول : وقيل فيها ثمان آيات مكية وهي من قوله : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) إلى آخرها ، وقيل فيها آية مكية ، وهي قوله تعالى : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) وقيل إنها نزلت بين مكة ، والمدينة زمن
الهجرة ، وهي ست وثلاثون آية ومائة وتسع وستون كلمة وسبعمائة وثلاثون حرفا.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢))
قوله عزوجل : (وَيْلٌ) أي قبح وهي كلمة تذكر عند وقوع البلاء ، يقال ويل له وويل عليه ، وقيل ويل اسم واد في جهنم (لِلْمُطَفِّفِينَ) يعني الذين ينقصون المكيال والميزان لأنه لا يكاد المطفف يسرق في الكيل والوزن ، إلا الشيء اليسير الطّفيف قال ابن عباس : لما قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة كانوا من أخبث النّاس كيلا. فأنزل الله عزوجل : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) فأحسنوا الكيل ، وقيل لما قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، وبها رجل يقال له أبو جهينة ، ومعه صاعان يكيل بأحدهما ، ويكتال بالآخر ، فأنزل الله هذه الآية وجعل الويل للمطففين ثم بين من هم. فقال تعالى : (الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) يعني أنهم إذا اكتالوا من النّاس ، ومن وعلى يتعاقبان ، وقيل معناه إذا اكتالوا من النّاس ، أي اشتروا شيئا استوفوا عليهم لأنفسهم الكيل والوزن.
(وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣) أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦) كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧))
(وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ) يعني وإذا كالوا لهم أو وزنوا لهم للناس كما يقال نصحتك ونصحت لك. (يُخْسِرُونَ) أي ينقصون الكيل والوزن وهذا الوعيد يلحق من يأخذ لنفسه زائدا ويدفع إلى غيره ناقصا ، ويتناول الوعيد القليل والكثير لكن إذا لم يتب منه فإن تاب منه ورد الحقوق إلى أهلها قبلت توبته ومن فعل ذلك ، وأصر عليه كان مصرا على كبيرة من الكبائر ، وذلك لأن عامة الخلق محتاجون إلى المعاملات وهي مبنية على أمر الكيل والوزن والذرع ، فلهذا السبب عظم الله أمر الكيل والوزن ، قال نافع : كان ابن عمر يمر بالبائع فيقول له اتق الله أوف الكيل والوزن ، فإن المطففين يوقفون يوم القيامة حتى يلجمهم العرق ، وقال قتادة : أوف يا ابن آدم كما تحب أن يوفى لك ، واعدل كما تحب أن يعدل لك ، قال الفضيل : بخس الميزان سواد يوم القيامة. (أَلا يَظُنُ) أي ألا يعلم ويستيقن (أُولئِكَ) أي الذين يفعلون هذا الفعل ، وهم المطففون (أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) يعني يوم القيامة (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ) يعني من قبورهم (لِرَبِّ الْعالَمِينَ) أي لأمره وجزائه وحسابه (ق) عن نافع «أن ابن عمر تلا (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) ، قال يقوم أحدهم في