سورة الفيل
مكية وهي خمس آيات وعشرون كلمة وستة وتسعون حرفا بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (١))
قوله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) كانت قصة أصحاب الفيل على ما ذكره محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم عن سعيد بن جبير ، وعكرمة عن ابن عباس ، وذكره الواقدي أن النجاشي ملك الحبشة كان بعث أرياط إلى اليمن ، فغلب عليها فقام رجل من الحبشة يقال له أبرهة بن الصّباح بن يكسوم ، فساخط أرياط في أمر الحبشة حتى انصدعوا صدعين ، فكان طائفة مع أرياط ، وطائفة مع أبرهة ، فتزاحفا فقتل أبرهة أرياط ، واجتمعت الحبشة لأبرهة ، وغلب على اليمن ، وأقره النّجاشي على عمله ، ثم إن أبرهة رأى النّاس يتجهزون أيام الموسم إلى مكة لحج بيت الله عزوجل ، فبنى كنيسة بصنعاء ، وكتب إلى النّجاشي إني قد بنيت لك بصنعاء كنيسة لم يبن لملك مثلها ، ولست منتهيا حتى أصرف إليها حج العرب فسمع بذلك مالك بن كنانة فخرج لها ليلا ، فدخل وتغوط فيها ولطّخ بالعذرة قبلتها ، فبلغ ذلك أبرهة فقال : من اجترأ عليّ ، فقيل صنع ذلك رجل من العرب من أهل ذلك البيت سمع بالذي قلت ، فحلف أبرهة عند ذلك ليسيرن إلى الكعبة حتى يهدمها ، فكتب إلى النجاشي يخبره بذلك ، وسأله أن يبعث إليه بفيله ، وكان له فيل يقال له محمود ، وكان فيلا لم ير مثله عظما ، وجسما ، وقوة ، فبعث به إليه ، فخرج أبرهة في الحبشة سائرا إلى مكة ، وخرج معهم الفيل ، فسمعت العرب بذلك ، فعظموه ورأوا جهاده حقا عليهم ، فخرج ملك من ملوك اليمن يقال له ذو نفر بمن أطاعه من قومه ، فقاتلوه فهزمه أبرهة ، وأخذ ذا نفر فقال يا أيها الملك استبقني فإن بقائي خير لك من قتلي فاستحياه وأوثقه وكان أبرهة رجلا حليما ، ثم سار حتى إذا دنا من بلاد خثعم ، خرج إليه نفيل بن حبيب الخثعمي في خثعم ومن اجتمع إليه من قبائل اليمن ، فقاتلوه فهزمهم ، وأخذ نفيلا فقال نفيل أيها الملك إني دليل بأرض العرب ، وهاتان يداي على قومي بالسمع والطّاعة ، فاستبقاه وخرج معه يدله حتى إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن مغيث في رجال من ثقيف فقال : أيّها الملك نحن عبيدك ليس عندنا خلاف لك ، إنما تريد البيت الذي بمكة نحن نبعث معك من يدلك عليه ، فبعثوا معه أبا رغال مولى لهم ، فخرج حتى إذا كان بالمغمس مات أبو رغال وهو الذي يرجم قبره ، وبعث أبرهة رجلا من الحبشة يقال له الأسود بن مسعود على مقدمة خيله ، وأمره بالغارة على نعم الناس ، فجمع الأسود أموال أصحاب الحرم ، وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير ، ثم إن أبرهة أرسل بحناطة الحميري إلى أهل مكة ، وقال له : سل عن شريفها ، ثم أبلغه ما أرسلك به إليه أخبره أني لم آت لقتال ، إنما جئت لأهدم هذا البيت ، فانطلق حتى دخل مكة ، فلقي عبد المطلب بن هاشم فقال له إن الملك أرسلني إليك لأخبرك أنه لم يأت لقتال ، إلا أن تقاتلوه ، إنما جاء لهدم هذا البيت ثم الانصراف عنكم ، فقال عبد المطلب : ما له عندنا قتال ولا