أنها في المنافقين ، والمؤمن قد يسهو في صلاته والفرق بين السهوين أن سهو المنافق هو أن لا يتذكرها ، ويكون فارغا عنها ، والمؤمن إذا سها في صلاته تداركه في الحال ، وجبره بسجود السهو فظهر الفرق بين السّهوين ، وقيل السّهو عن الصّلاة هو أن يبقى ناسيا لذكر الله في جميع أجزاء الصّلاة ، وهذا لا يصدر إلا من المنافق الذي يعتقد أنه لا فائدة في الصّلاة ، فأما المؤمن الذي يعتقد فائدة صلاته ، وأنها عليه واجبة ، ويرجو الثواب على فعلها ، ويخاف العقاب على تركها ، فقد يحصل له سهو في الصّلاة يعني أن يصير ساهيا في بعض أجزاء الصّلاة بسبب وارد يرد عليه بوسوسة الشّيطان أو حديث النّفس ، وذلك لا يكاد يخلو منه أحد ، ثم يذهب ذلك الوارد عنه ، فثبت بهذا الفرق أن السّهو عن الصّلاة من أفعال المنافق والسّهو في الصّلاة من أفعال المؤمن. (الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ) يعني يتركون الصّلاة في السّر ويصلونها في العلانية ، والفرق بين المنافق ، والمرائي أن المنافق هو الذي يبطن الكفر ويظهر الإيمان ، والمرائي يظهر الأعمال مع زيادة الخشوع ليعتقد فيه من يراه أنه من أهل الدّين والصّلاح أما من يظهر النّوافل ليقتدى به ويأمن على نفسه من الرّياء ، فلا بأس بذلك وليس بمراء ثم وصفهم بالبخل. فقال تعالى : (وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) روي عن علي أنه قال هي الزكاة ، وهو قول ابن عمر والحسن ، وقتادة ، والضحاك ووجه ذلك أن الله تعالى ذكرها بعد الصلاة فذمهم على ترك الصّلاة ومنع الزكاة ، وقال ابن مسعود : الماعون الفاس والدلو والقدر ، وأشباه ذلك ، وهي رواية عن ابن عباس ، ويدل عليه ما روي عنه قال كنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم عارية الدّلو ، والقدر ، أخرجه أبو داود ، وقال مجاهد : الماعون العارية وقال عكرمة : الماعون أعلاه الزكاة المفروضة ، وأدناه عارية المتاع ، وقال محمد بن كعب القرظي : الماعون المعروف كله الذي يتعاطاه الناس فيما بينهم وقيل أصل الماعون من القلة فسمي الزّكاة والصّدقة ، والمعروف ماعونا لأنه قليل من كثير ، وقيل الماعون ما لا يحل منعه مثل الماء ، والملح ، والنار ، ويلتحق بذلك البئر ، والتنور في البيت فلا يمنع جيرانه من الانتفاع بهما ، ومعنى الآية الزجر عن البخل بهذه الأشياء القليلة الحقيرة ، فإن البخل بها في نهاية البخل قال العلماء ويستحب أن يستكثر الرجل في بيته مما يحتاج إليه الجيران فيعيرهم ويتفضل عليهم ولا يقتصر على الواجب ، والله أعلم.