الرب جلّ جلاله يا عبدي ادخل عن يمينك الجنة» أخرجه التّرمذي وقال : حديث غريب وعنه «أن رجلا قال يا رسول الله إني أحب هذه السّورة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، قال حبك إيّاها أدخلك الجنة» أخرجه التّرمذي عن أبي هريرة قال «أقبلت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فسمع رجلا يقرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ) ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم وجبت قلت : وما وجبت قال الجنة» أخرجه الترمذي ، وقال حديث حسن غريب صحيح ، والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) اللهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤))
قوله عزوجل : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) عن أبي بن كعب «أن المشركين قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم انسب لنا ربك ، فأنزل الله (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ) والصّمد الذي لم يلد ، ولم يولد لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت ، وليس شيء يموت إلا سيورث ، وإن الله لا يموت ولا يورث ، ولم يكن له كفوا أحد. قال لم يكن له شبيه ، ولا عديل ، وليس كمثله شيء» أخرجه التّرمذي وقال : وقد روي عن أبي العالية أن النبي صلىاللهعليهوسلم ذكر آلهتهم ، فقالوا انسب لنا ربك ، فأتاه جبريل بهذه السّورة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وذكر نحوه ، ولم يذكر فيه عن أبي بن كعب ، وهذا أصح وقال ابن عباس أن عامر بن الطفيل ، وأربد بن ربيعة أتيا النبي صلىاللهعليهوسلم فقال عامر : إلام تدعونا يا محمد قال إلى الله قال صفه لنا أمن ذهب هو أم من فضة ، أم من حديد ، أم من خشب ، فنزلت هذه السّورة ، وأهلك الله أربد بالصاعقة وعامر بالطاعون ، وقد تقدم ذكرهما في سورة الرّعد ، وقيل جاء ناس من أحبار اليهود إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا صف لنا ربك لعلنا نؤمن بك ، فإن الله تعالى أنزل نعته في التوراة ، فأخبرنا من أي شيء هو ، وهل يأكل ويشرب ، وممن ورث الربوبية ، ولمن يورثها ، فأنزل الله هذه السّورة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) يعني الذي سألتموني عنه هو الله الواحد في الألوهية ، والرّبوبية الموصوف بصفات الكمال والعظمة المنفرد عن الشبه ، والمثل والنظير ، وقيل لا يوصف أحد بالأحدية غير الله تعالى فلا يقال رجل أحد ، ودرهم أحد بل أحد صفة من صفات الله تعالى. استأثر بها فلا يشركه فيها أحد ، والفرق بين الواحد ، والأحد أن الواحد يدخل في الأحد ، ولا ينعكس ، وقيل إن الواحد يستعمل في الإثبات والأحد في النفي تقول في الإثبات رأيت رجلا واحدا ، وفي النفي ما رأيت أحدا ، فتفيد العموم ، وقيل الواحد هو المنفرد بالذات فلا يضاهيه أحد ، والأحد هو المنفرد بالمعنى فلا يشاركه فيه أحد (اللهُ الصَّمَدُ) قال ابن عباس : الصمد الذي لا جوف له وبه قال جماعة من المفسرين ، ووجه ذلك من حيث اللّغة أن الصّمد الشيء المصمد الصّلب الذي ليس فيه رطوبة ، ولا رخاوة ، ومنه يقال لسداد القارورة الصماد. فإن فسر الصمد بهذا كان من صفات الأجسام ، ويتعالى الله جلّ وعزّ عن صفات الجسمية ، وقيل وجه هذا القول إن الصمد الذي ليس بأجوف ، معناه هو الذي لا يأكل ، ولا يشرب ، وهو الغني عن كل شيء ، فعلى هذا الاعتبار هو صفة كمال ، والقصد بقوله الله الصّمد التّنبيه على أنه تعالى بخلاف من أثبتوا له الإلهية ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) وقيل الصّمد الذي ليس بأجوف شيئان أحدهما دون الإنسان ، وهو سائر الجمادات الصّلبة والثاني أشرف من الإنسان وأعلى منه وهو البارئ جل وعز وقال أبي بن كعب الصمد الذي لم يلد ، ولم يولد لأن من يولد سيموت ، ومن يموت يورث منه. وروى البخاري في أفراده عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال : الصّمد هو السّيد الذي انتهى سؤدده ، وهي رواية عن ابن عباس ، أيضا قال هو السيد الذي كمل فيه جميع أوصاف السؤدد ، وقيل هو السيد المقصود