مناط الحاجة الى العلة هو الامكان لا الحدوث :
هذا وليعلم أن هذه المسألة مطروحة في علمي الكلام والفلسفة ، وقد بحث عنها المفكرون بحثاً موسعاً.
والمسألة مبنية على النزاع الدارج بينهم وهو أن سبب حاجة الممكن إلى العلة ما هو؟
هل هو «امكان» الشيء أي عدم كونه واجداً للوجود من لدن نفسه ، وعدم نبوع الوجود من صميم ذاته.
أو أن مناط الحاجة هو «حدوث» الشيء ووجوده بعد العدم.
فمن جعل سبب احتياج الممكن الى العلة هو «الامكان» أي الافتقار الذاتي والاستواء بالنسبة إلى الوجود والعدم فقد جعل الممكن محتاجاً إلى العلة حدوثاً وبقاءاً ، لان المناط (وهو الافتقار) باق ومحفوظ في كلتي الحالتين أي قبل الحدوث وبعده ، فان الممكن غير واجد للوجود من لدن نفسه ، وهذا الوصف ذاتي له ، غیر منفك عنه ، فلما كان المناط هو الافتقار الذاتي ، وكان هذا الوصف لازماً للممكن في جميع الأحوال لزم أن تقترن العلة بالمعلول في جميع الحالات (أي حدوثاً وبقاءاً).
وأما من جعل مناط الحاجة في الممكن الى العلة هو «الحدوث» وتلبس الوجود بعد العدم فقد اختار استغناء الحارث عن العملية بعد حدوثه ، لان الحدوث لا يصدق ، الا على أن الحدوث ، وأما البقاء فلا يكون حدوثاً.
غير انه عزب عن الذاهب الى كون مناط الاحتياج هو الحدوث ، انه كيف يمكن أن يكون الحدوث مناط الحاجة الى العلة مع ان الحدوث حالة تنتزع عن الحادث بعد وجوده وبعد تحققه فكيف يمكن أن يكون الشيء