المختلفة معلولة الطبيعة الجسم وذاته ـ كما ثبت في المقدمة السابقة ـ فاننا نتساءل :
هل هذه الدرجات بأجمعها معلولة لطبيعة الجسم ، أم أن كل درجة من هذه الدرجات معلولة لدرجة معينة ومرحلة خاصة من الجسم؟؟
وحيث ان الاول غير صحيح لانه لو كانت جميع الدرجات من العرض (كاللون والحجم) معلولة لطبيعة الجسم وذاته لزم أن تكون جميع هذه الدرجات وأشدها ، فعلية (أي موجودة بأجمعها بالفعل) بمجرد وجود الجسم الذي هو علة لتلك الدرجات ، والالزم انفكاك المعلول عن علته (١).
اقول : حيث ان الأول باطل لزم القول بالثاني وهو ان كل درجة من اللون أو الكم معلول لدرجة معينة من الجسم ، فلا مناص من فرض طبيعة المادة متحركة متكاملة مواجة غير هادئة ولا ساكنة وبالتالي ذات درجات في جوهرها فهي تتحرك على نسق حركة كيف الجسم وكمه.
وبعبارة أخرى : اذا فرضنا أن الاجسام متحركات في ناحية الكيف او الكم ، وقلنا أن ذلك ناشیء من طبيعة الجسم وذاته ـ حسب ما قررناه ـ وفرضنا ان العلة ايضا متحركة متكاملة تدريجاً وانها ايضا ذات درجات ومراتب فعندئذ صح ان تكون كل درجة خاصة من اللون أو الكم معلولة لدرجة خاصة من تلك الطبيعة فلا مانع من حصول التكامل تدریجاً في ناحية المعلول (وهو العرض) اثر حصول التكامل التدريجي في ناحية العلة (وهي الجسم).
__________________
(١) قال صدر الدين الشيرازي :
«لا بد في الوجود من متجرك بالذات وهو مبدأ الحركة على سبيل اللزوم (اي قطعاً) وذلك لان فاعل الحركة المباشر لها لابد وان يكون متحركا والا لزم تخلف العلة عن معلولها».
راجع الأسفار ج ٣ ص ٣ ـ ٤.