اولا) : الماركسيون وتهمة التجزيئية
ان الماركسية تتهم الالهيين بانهم ينكرون الارتباط العام وينفون العلاقة المتبادلة بين ظواهر الطبيعة بحجة انهم يدرسون كل ظاهرة من الظواهر الكونية وكل نوع من الانواع على حدة ، وبصورة مستقلة عن الظواهر الأخرى ، ويصفون كل نوع يتعریف خاص ، فيعرفون الانسان ـ مثلا ـ بانه «حيوان مفكر» والحيوان بانه «جسم متحرك بالارادة» وبهذا يعزلون الانسانية والحيوانية من ظروفها وملابساتها ، وينظرون الى كل واحدة من هذين النوعين بصورة مستقلة معزولة عن مجموع الطبيعة.
ولكن الحقيقة هي غير ذلك فان تعريف الميتافيزيين لشيء ومطالعته ودراسته مستقلا ليس بمعنى نفي ارتباطه بالأشياء الأخرى ، لأن التعريف للشيء انما هو في مقام التعليم والتعلم وهما لا يتمان الا بشرح الموضوع وتحديده بمقدار الحاجة الى لاجلها دون العلم. فان المتعلم الذي يريد مثلا التعرف على الخلية او التعرف على عنصر معين او میكروب خاص فانه لا يهمه أن يعرف مدى ارتباطه وكيفية علاقته بالأشياء الأخرى ، وكذا بالعلوم والقوانين العامة السائدة في الكون بل يهمه فقط ان يتعرف على ذلك الشيء بمقدار ما يلزم على المتعلم تعلمه ، واما كون هذه الخلية ، او ذلك الشيء مرتبط بسائر الأشياء في عالم الطبيعة مثل ارتباطه حتی باشعة الشمس ، او دوران القمر ، او ما شاكل ذلك فليس مطروح بالنسبة إلى هذا المتعلم الجالس وراء المجهر.
ولئن كان تعریف شيء على حده دليلا على انكار الارتباط العام والعلاقة المتبادلة بين الظواهر فليكن فعل الماركسيين حين تعريفهم لأصولهم ـ من هذا القبيل وانهم حينما يعمدون إلى تعريف «المادة» أو «الحركة» أو «العلة»