فلو كان هذا اساساً لتكامل الانواع الحية فلماذا لم تقل به في مجموع العالم فالتطورات الجزئية في المادة صارت سیبا وعاملا لعروض تطورات اخرى حتى بلغت التطورات الى مرحلة صارت سببة لظهور هذه النشأة العظيمة.
هذا هو النتيجة الثانية الذي استنتجها الماديون من نظرية التطور ، واستدلوا به على نفي وجود الخالق المبدع لهذا الكون ، ولكن الدليل غير صحيح في المقيس عليه فكيف بالمقيس واليك الإجابة عليه.
١ ـ إن الدار وينية زعمت أن التطورات العارضة للكائن الحي كلها من قبیل طروء الغشاء بين أصابع جلد البط ، فادعت آن بروز غشاء ولو بصورة جزئية في هذا النوع صار سببا لنجاح واجده وفناء فاقده ، فكلما ازداد التطور في هذا النوع صار انجح في البقاء.
غير انه عزب عنها أن التطورات ليست كلها من قبيل الغشاء حتى يكون جزئيه مفيدا ، بل من التطورات ما لا يكون مفيدة الا اذا حصلت في الكائن الحي جملة واحدة ، ودفعة واحدة.
فالتطور الجزئي غير البالغ الى مرحلة الكمال سواء وجوداً وعدماً في هذا الصنف من الكائن الحي ، فلا يكون موجبا لنجاحه ، وفناء فاقده.
ولنمثل لذلك بمثالين :
أ) العين فان العين لا يمكن أن تؤهل الحيوان على الابصار بمجرد ظهور شيء قليل من الجفن مثلا بل لابد من وجود العين بكامل أجزائه الدقيقة الكثيرة في آن واحد ولكي نتعرف على اجزاء العين يكفي أن تعرف أن عدسات عينك تلقي صورة على الشبكية ، فتنظم العضلات العدسات بطريقة آلية الى بؤرة محكمة ، وتتكون الشبكية من تسع طبقات منفصلة هي في مجموعها