ولو عملنا قطاعا مستعرضا فى جذع شجرة من الأشجار لوجدنا فيها الحلقات المتتالية تمثل مراحل النمو التى مرت بها تلك الشجرة ويسميها العلماء باسم الحلقات السنوية ، لأن العلماء كانوا يظنون أن كل حلقة تمثل سنة من عمر النبات ، ولكن بعد اكتشاف الميكروسكوب الإلكترونى اتضح لهم أن فى كل حلقة مئات الحلقات ، تمثل فترات متتالية من حياة النبات ، منها الفصول الأربعة والشهور الاثنا عشر والأسابيع والأيام والليل والنهار فبدءوا يدرسونها بعناية فلاحظوا أنه كلما تقادم العمر بالنبات فإن عدد الأيام فى السنة يزيد بطريقة مطردة ، وظنوا فى بادئ الأمر أن هذا خطأ استقرائى ، فتنادوا بضرورة التحقق من هذه الظاهرة ، وبدأت معاهد كثيرة فى العالم فى دراسة عدد الأيام بالسنة كما هى مدونة فى أحافير سيقان النباتات ، وهياكل بعض الحيوانات القديمة مثل الشعاب المرجانية فوصلوا إلى أن هذه الملاحظة صحيحة. كلما تقادم العمر يزيد عدد الأيام فى السنة. فقالوا : لا بد أن سرعة دوران الأرض حول محورها كانت عالية فى الأزمنة القديمة ، وهذه الحقيقة التى لم يصل إليها العلماء إلا منذ عقود قليلة وبعد مجاهدة طويلة ، سبق القرآن الكريم المعارف الإنسانية كلها بأكثر من ألف وأربعمائة سنة فى الإشارة إليها بإحكام ودقة وإيجاز حيث تشير إليها هذه الآية القرآنية المبهرة (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً) [الأعراف : ٥٤].
والسؤال الذى يطرح نفسه من الذى علم سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الحقيقة قبل ألف وأربعمائة سنة؟!
وما الذى كان يضطره قبل ألف وأربعمائة سنة أن يخوض فى هذا الغيب ، لو لا أن الله تعالى يعلم بعلمه المحيط أن الإنسان سيكتشف هذه الحقيقة فى يوم من الأيام فتكون هذه الومضة القرآنية المبهرة شهادة صدق بأن القرآن الكريم كلام الله ، وأن هذا النبى الخاتم صلىاللهعليهوسلم كان موصولا بالوحى معلما من قبل الخالق عزوجل.