(وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) وقد تأكد لنا أن ذرة الحديد شديدة التماسك ، ومن ثم فهى شديدة البأس ، وأن له من المنافع العديدة ما جعل الأرض صالحة للعمران ، وجعل الحياة ممكنة بإرادة الله سبحانه وتعالى ، وجعل من الحديد العمود الفقرى للصناعات الثقيلة الحربية منها والمدنية فى حياة الإنسان.
أما عملية الإنزال فما استطاع أحد أن يستوعبها إطلاقا ، حتى جاء العلماء قبل رحلات الفضاء مباشرة ، وبدءوا بدراسة التركيب الكيميائى للجزء المدرك لنا من الكون ، فوجدوا أن غاز الأيدروجين أخف العناصر وأقلها بناء ، هو أكثر العناصر انتشارا فيه ، وغاز الإيدروجين وحده يكون أكثر من ٧٤ خ من مادة الكون المنظور ، يليه فى الكثرة غاز الهيليوم وهو يكون ٢٤ خ فقال العلماء : عنصران هما أخف العناصر المعروفة لنا وأقلها بناء يكونان معا أكثر من ٩٨ خ من مادة الكون المنظور. وباقى أكثر من مائة عنصر تكون أقل من ٢ خ ، لا بد وأن كافة العناصر قد خلقت من غاز الإيدروجين. وهى ملاحظة جيدة ثبتت صحتها بمراقبة ما يتم فى داخل الشمس التى تتحد فيها ذرات الإيدروجين لتكون ذرة الهيليوم ، ويتحد الهليوم ليكون الليثيوم ، فى عملية متسلسلة بطريقة مستمرة تسمى عملية الاندماج النووى.
حينما نظر العلماء إلى الشمس وجدوا أن عملية الاندماج النووى فى داخلها لا تصل إلى الحديد ، فهى تتوقف قبل الحديد بمراحل طويلة ، لأن الحديد يحتاج إلى حرارة عالية جدّا والشمس لا تتوافر فيها هذه الحرارة حيث أن درجة حرارة لب الشمس تقدر بحوالى ١٥ مليون درجة مئوية ، وهذه الحرارة لا تكفى لتكوين الحديد فنظر العلماء فى نجوم خارج المجموعة الشمسية فوجدوا نجوما تسمى «بالمستعرات». ووجدوا أنها أكثر حرارة من الشمس بملايين المرات ، تصل درجة الحرارة فى جوف المستعر إلى مئات البلايين من الدرجات المئوية. ووجدوا أن هذه هى الأماكن الوحيدة فى الكون المدرك التى يمكن أن يتخلق فيها