نوظف النافع المتاح من المعارف المكتسبة فى تفسير تلك الآيات الكونية الواردة فى كتاب الله.
ولما كانت المعارف المكتسبة فى تطور مستمر ، وجب على أمة الإسلام أن ينفر منها فى كل جيل نفر من علماء المسلمين ، الذين يتزودون بالأدوات اللازمة ، للتعرض لتفسير الآيات الكونية الواردة في كتاب الله ، من مثل الإلمام باللغة العربية ، ودلالات ألفاظها ، وأساليب التعبير بها ، وقواعدها النحوية والبلاغية وغير ذلك من علومها المختلفة ، وبأصول الدين ، وبأسباب النزول ، وبالناسخ والمنسوخ ، وبالمأثور من التفسير ، وبجهود السابقين من كبار المفسرين ، وبالقدر اللازم من العلوم المتاحة عن الكون ، ومكوناته ، وغير ذلك مما يحتاجه كل من يتشرف بالقيام بمثل هذه المهمة العظيمة.
وفى التفسير العلمى للآيات الكونية لا بدّ من الحرص على توظيف الحقائق العلمية الثابتة كلما توفرت ، ولكن لما كانت العلوم الكونية لم تصل بعد إلى الجواب النهائي في كل قضية من قضايا الكون ومكوناته وظواهره ، فلا نرى حرجا من توظيف أفضل النظريات المتاحة ؛ وذلك لأن التفسير يبقى جهدا بشريا لمحاولة فهم دلالة الآية القرآنية ، لمن أصاب فيه أجران ولمن أخطأ أجر واحد.
أما الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم فلا يجوز أن يوظف فيه إلا القطعى الثابت من الحقائق العلمية ، وذلك لأن الإعجاز العلمى هو موقف تحد ، والمتحدى لا بدّ وأن يكون واقفا على أرضية صلبة ، وذلك لأننا نقصد بالإعجاز العلمي للقرآن الكريم هو سبق هذا الكتاب الخالد ، بالإشارة إلى عدد من حقائق الكون وظواهره لم تكن معروفة لأحد من البشر في زمن تنزله ، ولا لقرون متطاولة من بعد تنزله ، وإثبات أن القرآن الكريم ، الذى أوحى به إلى نبى أمى (صلىاللهعليهوسلم) فى أمة أميّة قبل أربعة عشر قرنا ، يحوى من حقائق هذا الكون ما لم يتمكن الإنسان من الوصول إليه إلا منذ عقود قليلة ، وبعد مجاهدات طويلة عبر عدد من القرون