هذا البيان القرآنى المعجز ، الذى يصف كلّا من الشكل الخارجى للجبل ، وامتداده الداخلى ، ووظيفته ، فى كلمة واحدة (أوتاد) ، يظهر تفوق القرآن الكريم على جميع المعارف الإنسانية ، التى لا تزال إلى يومنا هذا تورد تعريف الجبل فى أكثر القواميس العلمية واللغوية انتشارا على أنه نتوء فوق سطح الأرض ، يختلف العلماء فى تحديد ارتفاعه بأكثر من ٣١٠ متر أو من ٦٢٠ متر فوق سطح الأرض من حوله.
٦ ـ يقول ربنا (تبارك وتعالى) فى محكم كتابه :
(وَالْجِبالَ أَرْساها (٣٢) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) (٣٣) (النازعات : ٣٢ ، ٣٣).
ويقول (عز من قائل) :
(وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١٥) (النحل : ١٥).
والآيات القرآنية فى إرساء الأرض بالجبال كثيرة (عشر آيات) ، ولم تعرف هذه الحقيقة إلا منذ ثلاثة عقود فقط ، فتمزق الغلاف الصخرى للأرض بشبكة الصدوع يقسم ذلك الغلاف إلى عدد من الألواح واللويحات (الألواح الصغيرة) التى تطفو فوق نطاق الضعف الأرضى ، وتتحرك مع دوران الأرض حول محورها حركة سريعة منزلقة فوق نطاق الضعف الأرضى ، كما تتحرك باتساع قيعان البحار والمحيطات واندفاع ملايين الأطنان من الطفوح والمتداخلات النارية عبر صدوعها لتدفع قيعان تلك البحار والمحيطات تحت كتل القارات مما يجعلها تميد وتضطرب بصورة لا تسمح لتربة أن تتجمع ، ولا لماء أرضى أن يخزن ، ولا لنبتة أن تخرج ، ولا لعمران أن يقام ، ولا تهدأ هذه الحركة إلا بتكون الجبال التى تثبت بامتداداتها العميقة كتل القارات فى قيعان البحار والمحيطات ، وإذا تلاشى قاع البحر الفاصل بين قارتين فإنهما تصطدمان مكونتين أعلى السلاسل الجبلية على حافة القارة الراكبة ، فتقوم الامتدادات العميقة للجبال بربط كتلتى القارتين المتصادمتين ،