يعين عليها اندفاع الصهارة الصخرية عبر صدوع الأرض بملايين الأطنان في كل ثانية ؛ وعلى ذلك فإن الجبال تعمل على تثبيت الغلاف الصخرى للأرض بقوة حتى لا تهتز بنا ، وكأوتاد للأرض ، فإن الجبال تعمل على تثبيت تلك الألواح الصخرية فى مكانها بالاتجاه إلى الأسفل فتطفو في نطاق الضعف الأرضي ؛ تحكمها في ذلك قوانين الطفو ، تماما كما تطفو جبال الجليد في مياه المحيطات ، فتعين الجبال على الانتصاب فوق سطح الأرض.
وقد وصف القرآن الكريم من قبل أربعة عشر قرنا ـ وبكلمات محددة ـ كلّا من الشكل الخارجى للجبل ، وارتفاعه فوق سطح الأرض ، وامتداداته الهائلة بداخلها ، والدور الدقيق الذى يؤديه الجبل كوسيلة لتثبيت الغلاف الصخرى للأرض ، ولتثبيت الكوكب ككل وتثبيت التربة على سفوحه ؛ وأجاب عن تساؤل الإنسان عما إذا كان للجبال جذور ضاربة فى الأرض تحت الأجزاء الظاهرة منها قبل أن يدرك الإنسان أى قيمة لوجود الجبال على سطح كوكبنا ، وهى القيمة التى لم يبدأ الإنسان في تصورها إلا فى العصر الراهن ومن قبل عدد محدود من المتخصصين فى ميدان علوم الأرض.
كذلك جاءت الإشارات القرآنية للجبال على أنها «رواسى» تثبت الأرض بمجموعها ، كما تثبت كتل القارات التى نحيا عليها ، وشبهت الجبال بالسفن التى ترسو فى مياه البحار ، ويأتى العلم الحديث ليؤكد على أن الجبال تمتد باندفاعاتها الداخلية ؛ لتطفو فى نطاق الضعف الأرضى كما تطفو جبال الجليد فى مياه المحيطات ، فهي رواس حقيقة لا مجازا ؛ كذلك فإنها تعمل على التقليل من ترنح الأرض فى دورانها حول محورها ، كما تعمل قطع الرصاص التى توضع حول إطار السيارة للتقليل من ترنحه فى أثناء دوران ذلك الإطار ؛ وسفوح الجبال بانحداراتها اللطيفة عند أقدام تلك المرتفعات الأرضية محضن جيد للرسوبيات التي ترتكز إليها براحة واستقرار تامين.
* * *