الإعجاز البيانى فى القرآن الكريم ، ملأت العديد من المجلدات ، دون أن يتمكنوا من إيفاء ذلك الجانب حقه كاملا.
ومع تسليمنا بالإعجاز البيانى للقرآن الكريم ، وبأنه المجال الذى نزل كتاب الله يتحدى به العرب ـ وهم فى قمة من أعلى قمم الفصاحة والبلاغة ، والقدرة على البيان ـ أن يأتوا بشيء من مثله ، إلا أن البيان يبقى إطارا لمحتوى ، والمحتوى أهم من الإطار.
ومحتوى القرآن الكريم هو الدين بركائزه الأربع الأساسية : العقيدة ، والعبادة ، والأخلاق ، والمعاملات. وهذه القضايا ـ كما جاءت في كتاب الله ـ إذا نوقشت بشيء من الموضوعية أثبتت إعجاز القرآن الكريم ؛ ولكن القرآن الكريم لا بدّ وأن يكون معجزا فى كل أمر من أموره ؛ لأنه كلام الله الخالق البارئ المصور ، فما من أمر من الأمور تعرّض له هذا الكتاب الخالد إلا وهو معجز حقا ، وما من زاوية من الزوايا ينظر منها إنسان عاقل بشيء من الموضوعية والحيدة إلى هذا القرآن الكريم إلا ويرى منها جانبا من جوانب الإعجاز ، فالقرآن الكريم معجز فى بيانه ونظمه ، كما أنه معجز فى عرضه لقضايا العقيدة ، وأوامر العبادة ، معجز فى دستوره الأخلاقى الفريد ، معجز فى تشريعه ، معجز فى استعراضه التاريخى للعديد من أخبار الأمم السابقة : أمة بعد أمة ، كيف تلقت وحى ربها ، وتفاعلت مع أنبيائه ورسله ، وكيف كان جزاؤها أو عقابها ؛ معجز فى خطابه للنفس البشرية ، وتحريك كوامن الخير فيها ، وتربيتها التربية الصحيحة ، معجز فى إشاراته الطبية العديدة ، وفى تنبؤاته المستقبلية ، التى تحققت بعد نزوله بفترات طويلة ، ولا تزال تتحقق إلى يومنا هذا وإلى قيام الساعة ، معجز فى إشاراته إلى العديد من أشياء الكون ، ومن أبرزها وصف مراحل الجنين في الإنسان ، وفى استعراضه لكيفية بداية الخلق ، وإفناء الكون ، وإعادة خلق كل ذلك من جديد ، معجز فى استعراضه للعديد من أمور الغيب ، مثل البعث والحشر ، والحساب ، والصراط ، والجنة والنار ، معجز فى كل كلمة من كلماته ، وكل حرف من حروفه ، وكل آية من آياته ، وفي ذلك يقول