ومما يدلنا على أن المراد من الآيات الممنوعة هي آيات التعذيب والتخويف : ملاحظة مورد هذه الآية الكريمة وسياقها. فإن الآية التي قبلها هي قوله تعالى :
(وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) «١٧ : ٥٨».
وقد ذكرت فيها آية ثمود التي أعقبها نزول العذاب عليهم. وقصتهم مذكورة في سورة الشعراء ، وختمت هذه الآية بقوله تعالى :
(وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً) «١٧ : ٥٩».
وكل هذه القرائن دالة على أن المراد بالآيات الممنوعة هي الآيات المقترحة التي تستلزم نزول العذاب.
ونحن إذا سبرنا الآيات القرآنية يظهر لنا ظهورا تاما لا يقبل التشكيك أن المشركين كانوا يقترحون إنزال العذاب عليهم ، أو يقترحون آيات اخرى نزل العذاب على الأمم السابقة بسبب تكذيبها.
فمن القسم الأول قوله تعالى :
(وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ ٨ : ٣٢. وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ : ٣٣. قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ ١٠ : ٥٠. وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ ١١ : ٨. وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ٢٩ : ٥٣).