بنفسه لا بالقرينة ، وان كان لا بد ـ حينئذ ـ من نصب قرينة ، الّا انه للدلالة على ذلك ، لا على ارادة المعنى كما في المجاز. فافهم. وكون استعمال اللفظ فيه كذلك في غير ما وضع له ، بلا مراعاة ما اعتبر في المجاز (١) ،
______________________________________________________
الامر الرابع : هو ما ذكره في المتن تمهيدا ، وحاصله : ان الوضع التعييني كما يحصل بانشاء الواضع بقوله : وضعت هذا اللفظ لهذا المعنى ، كذلك يحصل بنحو آخر وهو ان يستعمل الواضع اللفظ في معناه لا بعناية المعنى اللغوي حتى يكون مجازا ، بل يستعمله فيه ويخطر المعنى به بقصد ان يتسبب بهذا الاستعمال إلى انشاء الوضع وجعل العلقة بين اللفظ والمعنى ، فان جعل العلقة كما يحصل بانشائها بلفظ (وضعت) كذلك يحصل بجعل اللفظ حاكيا عن المعنى لا بملاحظة العلاقة والعناية : بان يقصد الحكاية عن المعنى والدلالة عليه بنفس اللفظ لا بالقرينة. وحيث ان هذا الاستعمال لم يكن مسبوقا بالوضع حتى لا يحتاج إلى القرينة ، وليس بمجاز حتى يحتاج إلى القرينة الصارفة عن المعنى الحقيقي والمعينة للمعنى المجازي فهو ـ حينئذ ـ يحتاج إلى قرينة دالة على ان المقصود بهذا الاستعمال : ان يدل اللفظ على المعنى بنفسه لغرض انشاء الوضع به وتحقق العلقة ، ولذا قال (قدسسره) : «لا بالقرينة» : أي لا بالقرينة المجازية «وان كان لا بد من نصب قرينة» لانه ليس استعمالا حقيقيا مسبوقا بالوضع حتى يستغني عن القرينة ، إلّا ان القرينة يحتاج اليها «للدلالة على ذلك» : أي على ان المقصود به الحكاية بنفسه لغرض انشاء الوضع وليس هي قرينة المجاز.
(١) هذا هو تعريف المشهور للمعنى ، ويظهر من هذا التعريف : ان الحقيقة هي دلالة اللفظ بنفسه على المعنى ، : أي انه في الاستعمال الحقيقي يكون اللفظ بنفسه دالا على المعنى ، وفي المعنى المجازي تكون الدلالة مشتركة بين اللفظ والقرينة.
وربما يدعى ان الدلالة في الحقيقة والمجاز على نحو واحد ، وان اللفظ في كلا المقامين بنفسه دالّ على المعنى ، الّا ان دلالته على الحقيقة بسبب الوضع وجعل