قلت : هاهنا أيضا مستند إلى عدم قدرة المغلوب منهما في إرادته ، وهي مما لا بد منه في وجود المراد ، ولا يكاد يكون بمجرد الارادة بدونها لا إلى وجود الضد ، لكونه مسبوقا بعدم قدرته كما لا يخفى (١) غير
______________________________________________________
«موجودا» واذا كان المقتضي لكل منهما موجودا بالفعل «فالعدم» لاحد الضدين «لا محالة يكون فعلا مستندا إلى وجود المانع» لا شأنا واذا كان الاستناد بالفعل من الجانبين لزم الدور.
(١) وتوضيحه : ان المقتضي للوجود هو ارادة الشخص الشيء المستندة لقدرته ، فإن من لا قدرة له لا تحصل منه الارادة. وأول نشوء الارادة مترتبة من الشوق ثم تقوى حتى تكون ارادة يصدر منها الفعل ، فاذا وقف الشوق عند حد ولم يصل إلى حد الارادة التي هي الجزء الاخير من العلة فعدم تحقق المراد مستند إلى عدم قوة هذا الشوق بحيث يمكن ان يكون ارادة يتحقق بتحققها المراد ، ويسمى هذا الشوق غير البالغ حد الارادة التي يترتب عليها المراد بالارادة الضعيفة ، وهذا الضعف ربما يكون لسبب غير مزاحمته بالاقوى ، وقد يكون السبب فيه مزاحمته بإرادة اقوى منه لشخص آخر والارادة حينئذ تسمى بالارادة المغلوبة في قدرتها ، لتغلب قوة ارادة الشخص الآخر وقدرته عليها.
ففي مقام تزاحم الارادتين وتغلب احدهما على الآخر يكون عدم تحقق المراد مستندا إلى عدم قوة ارادة المريد وضعف قوته ، فانه لا يعقل ان يتقدم احد المتزاحمين الّا لقوته ولا يتاخر المزاحم الآخر إلّا لضعفه ، ولا يعقل ان يتحقق المراد مع ضعف الارادة ومغلوبيتها بارادة الشخص الآخر ، وانما يعقل تحققه فيما إذا قويت ارادة مريده وتغلبت على الارادة الاخرى. اما إذا لم تكن له قدرة تستطيع ان تتغلب بل كانت قدرته مغلوبة وارادته واقفة عند حد ضعفها فلا يتحقق المراد ، فالسبب في عدم تحقق المراد عدم قدرة المغلوب منهما لا وجود المانع.