ومما ذكرنا ظهر أنه لا فرق بين الضد الموجود والمعدوم ، في أن عدمه الملائم للشيء المناقض لوجوده المعاند لذاك ، لا بد أن يجامع معه من غير مقتض لسبقه ، بل قد عرفت ما يقتضي عدم سبقه (١).
______________________________________________________
لا مانع من تأثيرها في انقاذ الاخ الا الشفقة على الولد الموجبة لقوة ارادة انقاذ الولد وتقديمه على الاخ ، فعدم انقاذ الأخ لا يستند إلى عدم المقتضى بل يستند إلى العلة التامة لانقاذ الولد المزاحمة لمقتضي انقاذ الاخ المتغلبة عليه.
(١) هذه مقدمة لبطلان التفصيل الآتي.
وحاصل ما يقوله : انه قد تبين مما ذكره وحققه ان الضدين انما يتنافيان في التحقق وانهما لا يجتمعان ، وأما التمانع بينهما بمعنى كون عدم احدهما مقدمة للضد الآخر فقد قامت البراهين على محاليته ، وان عدم كل منهما مقارن وفي رتبة الضد الموجود لا انه من أجزاء علته ومتقدم عليه بالطبع ، ولا فرق بين الضد الموجود والضد المعدوم في ان عدم الضد الموجود مقدمة لوجود الضد الآخر ، بخلاف الضد المعدوم فانه ليس من أجزاء علة وجود الضد ، فإن عدمه ليس مقدمة ، لأن البراهين المتقدمة الدالة على محالية كون عدم احد الضدين لا يعقل ان يكون مقدمة للضد الآخر لا تفرق بين عدم الضد الموجود والضد المعدوم ، وغاية ما تقتضيه هو الملاءمة بين وجود الضد وعدم الضد الآخر وانهما في رتبة واحدة ، وتارة يتحققان معا كما إذا كان احد الضدين موجودا ثم خلفه الضد الآخر ، فإن وجود الضد وعدم الضد الذي كان موجودا يتقارنان في التحقق ، وحيث لا يكون الضدان موجودين لجواز ارتفاعهما معا يكون عدم احدهما متحققا قبل تحقق الضد.
فإن قلت : ان كون عدم احد الضدين يمكن ان يتحقق ولا يتحقق معه وجود الضد الآخر ، بخلاف وجود الضد فانه لا يمكن ان يتحقق الّا ومعه عدم ضده ، وهذا هو ملاك السبق والتقدم بالطبع وهو ملاك المقدمية والعلية.