.................................................................................................
______________________________________________________
الآخر : أي انه مع الاتيان بأحد هذه الواجبات لا يبقى مجال لاستيفاء الغرض من بقيتها. وهذا هو الفرق بين هذا الوجوب التخييري والوجوب التعييني فانه لا يجوز تركه لأن غرضه لازم الاستيفاء وليس مزاحما بغيره بحيث لو أتى بغيره لا يمكن استيفاؤه ويكون هذا هو الملاك للقول الثالث : وهو ان الواجب التخييري هو وجوب كل منهما مع السقوط بفعل احدهما فيما اذا كان التخيير بين شيئين ، ووجوب كل منها مع السقوط بفعل احدها اذا كان التخيير بين اشياء ، ولا يكتفى بهذا المقدار في إتمام الواجب التخييري ، فانه بهذا البيان وان خرج التخيير العقلي في وجوب الطبيعة الواحدة ذات الافراد لفرض تعدد الاغراض فيتعدد الواجب ، إلّا ان الغرض في احدها اذا كان يسقط بفعل الآخر كان الغرض في كل منها لزوميا لفرض كونه غرضا يدعو إلى الوجوب ، فاللازم الامر باتيانهما دفعة واحدة لأن الغرض في كل منهما لازم وباتيان احدهما منفردا لا يبقى مجال لاستيفاء الغرض من الآخر الذي هو لازم أيضا ، فحفظا لتحصيل الغرضين اللازمين ينبغي الامر باتيانهما معا دفعة واحدة ، ولا يقول بهذا احد في الواجبات التخييرية التي يمكن الاتيان بها دفعة واحدة ، فينبغي تتميمه بان يقال : ان الغرض في كل واحد منهما غير الغرض من الآخر ، ولا يكون بحصول احدهما يمتنع حصول الغرض من الآخر ولكن هناك مصلحة دعت إلى الاكتفاء بأحدهما ، فلا مانع من الاتيان بهما واحدا بعد واحد ولا يجب الامر بهما دفعة واحدة ويجوز الاكتفاء باحدهما ، ويكون مراده من قوله : «يكون في كل واحد منهما لا يكاد يحصل ...» الى آخر كلامه انه لا يكاد يحصل الغرض مع التحفظ على المصلحة الداعية الى الترخيص في ترك الآخر (١).
__________________
(١) ثم انه اذا كان لكل واحد من الواجبين غرض غير الغرض من الآخر فلا يخلو الحال عن احتمالات كلها غير خالية عن الاشكال :